في ذكرى مرور 80 عامًا على تأسيس جامعة الدول العربية، أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة،
أن الجامعة لا تزال تمثل كيانًا قائمًا وفعّالًا يعكس وحدة الأمة العربية رغم التباينات السياسية، مشددًا على أن استمرارها مرهون بإرادة الدول الأعضاء،
وأن الحفاظ على هذا الكيان المشترك يجب أن يكون “هدفًا جماعيًا”.
جاء ذلك خلال لقاء خاص مع الإعلامية لميس الحديدي في برنامج “كلمة أخيرة” على قناة ON، حيث ناقش أبو الغيط وضع الجامعة العربية اليوم،
وما تبقى منها بعد ثمانية عقود من تأسيسها.
جامعة الدول العربية ما زالت تعبر عن أمة واحدة رغم الخلافات
ردًا على سؤال لميس الحديدي: “هل لا يزال هناك عالم عربي؟”، أجاب أبو الغيط بثقة:
“بالطبع هناك عالم عربي، فعندما نتحدث جميعًا باللغة العربية الفصحى فهذا بحد ذاته يعكس وجود عالم عربي واحد.
اللغة والثقافة المشتركة دليل قوي على أننا أمة واحدة.”
ثم تابع ساخرًا من مقارنة مع الاتحاد الأوروبي:
“الأوروبيون يجتمعون بـ27 لغة، أما نحن العرب فنتحدث لغة واحدة في 22 دولة. هذا مؤشر واضح على وحدة الأمة الثقافية،
وأم كلثوم ما زالت تُسمع من الخليج إلى المحيط.”
جامعة الدول العربية تجمعها الثقافة لكن تختلف فيها المصالح
وعند تعليق لميس الحديدي بأن “السياسات بين الدول العربية مختلفة”، رد أبو الغيط قائلاً:
“من الطبيعي أن تختلف المصالح بين الدول، كما تختلف بين بريطانيا والولايات المتحدة مثلًا. هذا لا يلغي وحدة التاريخ والثقافة والانتماء.”
وأوضح أن الجامعة العربية وجدت لتكون منبرًا للتنسيق السياسي والاقتصادي والثقافي بين الدول الأعضاء،
مع الحفاظ على استقلالية كل دولة، مؤكدًا أن اختلاف المواقف لا يعني غياب الرابط العربي المشترك.
وحول السؤال الشهير عن سبب عدم تطور جامعة الدول العربية إلى كيان شبيه بالاتحاد الأوروبي، كشف أبو الغيط:
“منذ التأسيس في 1945، طرح النحاس باشا، رئيس وزراء مصر آنذاك، فكرة وجود جهاز فوقي بسلطة توافقية على الدول الأعضاء،
لكن بعض الدول المؤسسة رفضت هذا المقترح.”
وأضاف أن ذلك أدى إلى اعتماد صيغة تنسيقية فقط في ميثاق الجامعة، بدون إلزام أو صلاحيات فوقية، مما ميزها عن الاتحاد الأوروبي
الذي تطور لاحقًا إلى شكل اتحادي له مؤسسات ملزمة.
أوضح أبو الغيط أن هناك محاولات لاحقة لتطوير الجامعة، أبرزها محاولة الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي
لإنشاء “اتحاد عربي” أكثر تماسكًا، لكن:
“بعض الدول العربية، خصوصًا الدول ذات الاستقلال الحديث، رأت أن من الضروري الحفاظ على قرارها الوطني،
ورفضت الانتقال من التنسيق إلى سلطة مركزية أو فوقية.”
وأكد أن هذا الموقف لا يعني رفض التعاون العربي، بل يعكس حساسية سياسية لدى بعض الدول تجاه السيادة الوطنية.
شدد أبو الغيط على أن بقاء الجامعة العربية واستمرارها بعد ثمانية عقود مرهون بإرادة الدول العربية، قائلًا:
“استمرار الجامعة قرار سياسي في يد الدول. الحفاظ عليها يجب أن يكون هدفًا مشتركًا، لأن وجودها يُمثل الحد الأدنى من العمل العربي المشترك.”
وأشار إلى أن الجامعة ما زالت قادرة على أداء أدوار مهمة، خصوصًا في الملفات الإقليمية الحساسة التي تحتاج إلى تنسيق عربي واسع.
وفي نهاية حديثه، قال أبو الغيط بوضوح:
“بالتأكيد هناك من لا يريد استمرار الجامعة العربية. إسرائيل وبعض دول الجوار يرون أن وجود الجامعة يهدد مصالحهم لأنها تمثل موقفًا عربيًا موحدًا –
حتى وإن كان رمزيًا أو سياسيًا في بعض الأحيان.”
وأضاف:
“علينا أن نتمسك بوجود هذه المؤسسة، لأنها تمثل الوعاء الجامع للعرب، وتحمل في طياتها فكرة الأمة، حتى وإن تعثرت بعض آلياتها.”