قال أحمد ابو الغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، إن السماح بعودة سوريا إلى مقعدها داخل الجامعة العربية،
وبدء الحوار معها، لا يُعد دعمًا للنظام السابق بقدر ما هو محاولة عربية لدعم الدولة السورية وشعبها، مشيرًا إلى أن القرار جاء
بدافع الحفاظ على سوريا ووحدتها، وليس إعادة تأهيل السلطة القديمة.
جاء ذلك خلال لقاء خاص مع الإعلامية لميس الحديدي في برنامج “كلمة أخيرة” المذاع عبر قناة ON، حيث تحدث أبو الغيط
بصراحة عن تطورات الملف السوري، ورؤيته لسقوط النظام السابق، وموقف الجامعة العربية من الوضع الحالي في سوريا.
في رده على سؤال من لميس الحديدي حول ما إذا كان يتوقع هذا السقوط السريع لنظام بشار الأسد،
قال أبو الغيط: “النظام السوري كان قد بدأ في الانهيار داخليًا منذ سنوات. السوس نخر جسده منذ وقت طويل، وكانت هناك أحاديث متكررة
عن الفساد والترهل المؤسسي، ما جعله هشًا أمام أي صدمة سياسية أو اجتماعية.”
وأضاف: “سقوط النظام لم يكن مفاجئًا لمن تابع كيف فقد علاقته بشعبه تدريجيًا، وانعزل سياسيًا وأخلاقيًا،
حتى صار فاقدًا لأي دعم شعبي حقيقي.”
ابو الغيط: الأسد فقد شرعيته.. وحتى جيشه لم يحارب للدفاع عنه
أوضح أمين عام الجامعة العربية أن الرئيس السوري السابق بشار الأسد فقد شرعيته في نظر قطاع كبير من الشعب السوري،
وقال: “الرئيس السابق فقد الشرعية والدعم الشعبي، وحتى جيشه لم يُظهر رغبة في القتال للدفاع عنه. هذه علامة خطيرة
على مدى تفكك النظام من الداخل.”
وأكد أن الضعف المؤسسي والانفصال عن الواقع الشعبي، كانا من أبرز أسباب الانهيار السريع للنظام، وهو ما ظهر بوضوح
في المراحل الأخيرة من المواجهة.
ابو الغيط: تخلي موسكو وطهران عن الأسد تم بسرعة
لفت ابو الغيط إلى أن التخلي عن نظام الأسد من قبل أقرب حلفائه، روسيا وإيران، جاء بسرعة لافتة،
قائلاً: “كنت أظن أن هناك علاقة استراتيجية بين النظام وهذه القوى، لكن عندما بدأ الانهيار، تخلت موسكو وطهران بسرعة،
وكأنهما كانتا تنتظران اللحظة المناسبة للانسحاب.”
وأشار إلى أن الدعم الذي قدمته هذه الدول لم يكن نابعًا من قناعة دائمة، بل من مصالح مؤقتة، وعندما تغيرت الظروف،
لم يترددوا في فك الارتباط بالنظام السابق.
كشف أبو الغيط عن رسائل واضحة من الدول الغربية إلى الجماعة الحاكمة في سوريا حاليًا،
وقال: “الغرب يطالب الجماعة الحاكمة بعدم فرض رؤيتهم على المجتمع السوري، وعدم إعادة إنتاج نفس السياسات التي قادت إلى الانفجار.”
وأكد أن المجتمع الدولي يُراقب الوضع عن كثب، ويريد أن يرى مرحلة سياسية جديدة في سوريا،
تشاركية وتمثل كافة الأطياف، بعيدًا عن الإقصاء أو الحكم الأحادي.
وحول ما إذا كانت هناك لقاءات رسمية جمعته بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع،
قال أبو الغيط: “التقيت الرئيس الشرع، ولكن لم يجر بيننا حوار. كان لقاءً بروتوكوليًا فقط.”
وهو ما يعني أن الجامعة العربية لم تدخل بعد في نقاشات رسمية مباشرة مع القيادة الجديدة في سوريا،
وأن العلاقات ما زالت في مراحلها التمهيدية.
وفي ختام اللقاء، شدد أبو الغيط على أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية لا تعني قبولًا بالماضي، وإنما هي بداية لمسار جديد،
وقال: “الحوار لا يهدف إلى تبرير النظام السابق، بل إلى إنقاذ سوريا كدولة، ودعم شعبها في إعادة بناء مستقبله.”
وأضاف أن الجامعة العربية ستواصل متابعة التطورات عن كثب، وتدعم أي مسار سياسي جامع يحمي وحدة سوريا ويصون حقوق أبنائها.