دعى غاي رايدر مدير عام منظمة العمل الدولية الهيئات العربية المكونة لمنظمة العمل الدولية أن تكونوا قادة حقيقيين في تشكيل عالم حيث النساء والرجال يعملون بحرية وإنصاف وكرامة وعدالة للجميع.
وذلك خلال كلمته بمؤتمر العمل العربي 2022
والتى جاءت كالتالي:
سعادة المدير العام المطيري
أصحاب المعالي، الوزراء وممثلو الحكومات
ممثلو أصحاب العمل والعمال
السيدات والسادة
إنه لمن دواعي سروري أن أخاطبكم اليوم وأن أنقل إلى مؤتمر العمل العربي في جلسته الـ48 تحيات منظمة العمل الدولية.
ينعقد مؤتمركم في الوقت الذي تتكشف فيه أزمات متعددة في جميع أنحاء العالم، وفي وقت يسود فيه قدر كبير من عدم اليقين السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
لم ينج أي بلد أو منطقة من تأثير جائحة كوفيد-19. الحكومات والعمال والشركات، النساء والرجال، الشباب في كل مكان، ما زالوا يتعاملون مع تداعياته. والوباء نفسه لم ينته بعد.
علاوة على ذلك، علينا أن نتعامل مع أزمات أخرى، إذ يبدو أن الانتعاش الهش وغير المتكافئ الذي حققه سوق العمل في العام الماضي قد تراجع في أنحاء عدة من العالم، مما يعرض للخطر جهودنا للبناء للأمام بشكل أفضل بعد الوباء. والآن تقوم الحروب والصراعات بتمزيق البلدان والمجتمعات وبتقويض الأمن العالمي.
وضعف الكوكب نفسه أصبح واضحًا بشكل متزايد، حيث يتسبب تغير المناخ في خسائر عديدة.
لذا فإن انتعاشا محوره الإنسان، يكون شاملاً ومستدامًا وقادرًا على الصمود على النحو المتفق عليه في مؤتمر العمل الدولي العام الماضي، قد أصبح أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. إن التحديات الرئيسية المترابطة التي نواجهها تستدعي اتخاذ إجراءات متسقة وتضامن دولي.
الأصدقاء الأعزاء، في ظل هذه الخلفية القاتمة، يعد تناول الاقتصاد الرقمي والتشغيل، وهو موضوع مؤتمركم، ملائماً وحسن التوقيت. بالفعل، يُحدث الاقتصاد الرقمي تحولات في عالم العمل وقد تسارعت وتيرة ذلك من خلال ردود الفعل على جائحة كوفيد. السؤال هو ما إذا كانت هذه التحولات ستكون للأفضل أم للأسوأ.
إن انتشار المنصات الرقمية لديه القدرة على تزويد النساء والرجال والأشخاص ذوي الإعاقة والشباب والعمال المهاجرين بفرص جديدة مدرة للدخل. تستفيد الشركات أيضا من إمكانية الوصول إلى قوى عاملة عالمية ومحلية لتحسين الكفاءة وتعزيز الإنتاجية والوصول إلى سوق أوسع. لذا ومع أخذ هذه الفوائد بعين الاعتبار فإن العديد من الحكومات في بلدانكم تقوم بالاستثمار في البنىة التحتية الرقمية وفي المهارات الرقمية.
إلا أن الحقيقة هي أن الاقتصاد الرقمي والمنصات الرقمية تطرح تحديات من حيث المنافسة العادلة بين الشركات وتحقيق أنواع التشغيل والحماية الاجتماعية والأجور والشروط المتسقة مع معايير العمل اللائق ومعايير العمل الدولية.
هذا يعني أنه من الضروري فهم التحولات التي تحدث بشكل أفضل حتى نتمكن من تشكيلها وتوجيهها بشكل فعال.
يهدف تقرير “التشغيل العالمي والتوقعات الاجتماعية” الذي صدر عن منظمة العمل الدولية في وقت سابق من هذا العام إلى تعميق معرفتنا في هذا المجال. وقد وجد التقرير أنه كانت هناك زيادة بمقدار خمسة أضعاف في عدد منصات العمل الرقمية في العقد الماضي، ولكن مع وجود فجوة رقمية متزايدة بين مناطق العالم المختلفة. كما قدم التقرير معلومات حول إجراءات اتخذتها الحكومات لمعالجة قضايا ظروف العمل ذات الصلة.
وهناك أمر واضح: ما هو غير مقبول في عالم العمل الفعلي يجب أن يكون أيضًا غير مقبول في عالم العمل الرقمي. وكما هو الحال دائمًا، ليست هنالك حتمية في هذا الأمر، إذ علينا اتخاذ قرارات بشأن النتائج التي نريدها في العالم الرقمي ومن ثم حول السياسات التي ستنتجها.
لديكم فرصة في هذا المؤتمر للمساهمة في تشكيل سياسات واستراتيجيات وطنية وإقليمية منسقة لضمان أن توفر منصات العمل الرقمية فرص العمل اللائق وتعزز النمو والتنمية في الوقت نفسه.
الأصدقاء الأعزاء، أشارك معكم للمرة الأخيرة بصفتي مدير عام منظمة العمل الدولية، وأود أن أتوجه إليكم جميعا بجزيل الشكر
على الدعم والصداقة لي ولمنظمة العمل الدولية على مدى سنوات عديدة. إن منظمة العمل الدولية تثمّن عاليا شراكاتها الاستراتيجية مع الحكومات والشركاء الاجتماعيين العرب وكذلك مع المنظمات والمؤسسات الدولية الأخرى. لقد التزمنا بدعم جهودكم لتحقيق انتقال ناجح نحو العمل اللائق للجميع في المنطقة العربية. ويجب أن أشير هنا إلى المسؤولية الخاصة التي تتولاها منظمة العمل الدولية نحو العمال في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إن أجيالكم الشابة، الشباب العربي، هم رصيد هام ومصدر أمل في سعيكم لمستقبل أفضل. سيكون التحدي القادم هو تسخير طاقاتهم ومواهبهم وإبداعهم لتحقيق تطلعات جميع شعوبكم للعمل اللائق والحياة الكريمة ولمجتمعات مستقرة في سلام.
إن إعلان مئوية منظمة العمل الدولية من أجل مستقبل العمل الذي اعتمده مؤتمر العمل الدولي عام 2019 يوفر أساسا قويا لهذه المهمة المتمثلة في بناء نهج شامل محوره الإنسان لمستقبل العمل في المنطقة العربية وفي العالم.
سعادة المدير العام، لا يسعني أن أختم بدون الإعراب عن تقديري للتعاون الذي حظيت به منظمة العمل الدولية مع منظمة العمل العربية تحت قيادتكم، وأشكركم على التزامكم الشخصي بهذا التعاون. إنني أومن بأن العلاقة والتعاون بين منظمتينا توفر لنا فرصاً حقيقية للسعي معًا في مهمة مشتركة تتمثل في تعزيز العدالة الاجتماعية. أنا واثق من أن هذه الشراكة ستتعمق أكثر تحت قيادة خلفي السيد جيلبير هونجبو.
وأدعوكم الهيئات العربية المكونة لمنظمة العمل الدولية أن تكونوا قادة حقيقيين في تشكيل عالم حيث النساء والرجال يعملون بحرية وإنصاف وكرامة وعدالة للجميع.