رئيس مجلس الإدارة
سعيد اسماعيل
رئيس التحرير
مروة أبو زاهر

رئيس مجلس الإدارة
سعيد اسماعيل

رئيس التحرير
مروة أبو زاهر

قطاع الاتصالات المصري بين الواقع والمأمول

شهدت الحقبة الجديدة من الالفية الثالثة قفزات نوعية على صعيد قطاع الاتصالات العالمي، ولم تك مصر بمعزل عن التطورات العالمية من تعاقب أجيال شبكات الهواتف المتحركة إلا قليلا.

وحررت قطاع المتحرك من السياسات الاحتكارية بفتح القطاع أمام مشغل جديد في العام 2006 واشتدت المنافسة حتى ارتفعت معدلات النفاذ في سوق الهواتف المتحركة حتى وصلت الى نسب مرتفعة من التشبع.

ثم أدخلت مشغل جديد وان كنت اختلف جزئياً على الطريقة التي أذنت بها الحكومة للمشغل الوطني الجديد، من حيث القواعد التنظيمية أو حتى طريقة طرح الترخيص.

غير أني لن أتوقف كثيراً عند هذه الجزئية وسأعتبرها حق مشروع في أن تدخل الدولة ممثلة في المصرية للاتصالات سوق المنافسة للهاتف المتحرك.

 وبات الواقع في قطاع الاتصالات المصري على صعيد الهواتف المتحركة يشي بمنافسة حقيقية وفعَالة من حيث الشكل ومعدلات النفاذ، أما من حيث القيمة السوقية وتعاظم نمو العائدات وصافي الأرباح لابد أن نتوقف قليلاً لدراسة وضعية السوق وفرص النمو والأسباب الحقيقية وراء عملية التخارج التي أقرتها فودافون وعزوف المستثمرين عن الدخول للسوق المصري.

لا زالت أمام القطاع فرص استثمارية كبيرة تتوازى مع الطفرات الكبرى التي تحققت في السنوات الست الأخيرة من حيث المشروعات القومية أو من حيث المدن الجديدة.

ولازالت لدينا فرص لتعميم تجربة شبكة الألياف الضوئية التي ستغير واقع قطاع الاتصالات المصري إذا ما قدر لها الدراسة والتنفيذ.

لدينا الإمكانيات التي تؤهلنا لإقامة مدينة تكنولوجية متكاملة كما هو الحال في بنجالور الهندية ولدينا القوة البشرية الهائلة ولدينا المهندسين والفنيين يديروا قطاع الاتصالات في المنطقة.

وأرى الفرصة مواتية لأن نغتنم عمليات التطور المتنامية في هذا التوقيت ورغبة القيادة السياسية في احداث الفارق وفي زمن قياسي.

انشاء المدن التكنولوجية لتقديم خدمات الحوسبة السحابية عن بُعد وغيرها من مقتضيات طبيعة المرحلة التكنولوجية أمر ليس ببعيد وليس بالكثير على مصر أن توليها الأهمية القصوى.

المدن التكنولوجية والمصانع الفرعية لمزودي التكنولوجيا تصلح في كل مكان على أرض المحروسة، فهناك عند محور قناة السويس وفي سيناء شمالا وجنوباً وفي الظهير الصحراوي الممتد شرق النيل وغربه كلها مدن تحفل بالعديد من المميزات وامتدت اليها أيادي التعمير والبناء وحُدثت فيها البنى التحتية لتكن بذلك بيئات صالحة للاستثمار.

لابد وأن تخطو مصر تجاه قطاع الاتصالات فهو بوصلة الاستثمار في العالم الآن، وبحسابات المخاطر: كل القطاعات عُرضة للربح والخسارة إلا قطاع الاتصالات، حتى أنه في أشد الأزمات بقي واقفاً راسخاً، يحقق الأرباح المليارية ومحافظاً على أكبر العوائد لمستثمريه.

الجيل الخامس.. في التأني السلامة

يعد قطاع الاتصالات العالمي أحد أهم قاطرات الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن، وبدى السباق محموماً تجاه مسيرة التطوير والتحديث على مستوى الأجيال المتعاقبة للهواتف المتحركة أو حتى شبكات النطاق العريض للشبكات الثابتة المعتمدة على الألياف الضوئية.

واشتعلت المنافسة بين المشغلين ومزودي الخدمات في قطاع الاتصالات العالمي في خطين متوازيين لا ثالث لهما وهما أسبقية الطرح وجودة الخدمات.

ولما كان قطاع تزويد التكنولوجيا بات يحكمه شركات عملاقة وعابرة للقارات لا يتخطى عددها أصابع اليد الواحدة، بدأ يتهافت عليها مزودي الخدمات وفق المعايير السعرية في العديد من دول العالم غير أن بعض الدول المعنية بأسبقية الطرح لتحقيق قفزات تنموية واقتصادية مشهودة.

  وبمتابعة ظاهرية لقطاع الاتصالات الإقليمي والعالمي مؤخراً نجد حالة من الجلبة تصل حد التنافس الإعلامي في بعض دول المنطقة حول خدمات الجيل الخامس للهاتف المتحرك ومن لديه قصب السبق في التجارب الشبكية ومن اجتازها بنجاح ومن من المزودين قد وصل لسرعات أعلى للجيل الخامس حتى وصلت المنافسة لاصطلاح الاطلاق التجاري لخدمات الجيل الخامس.

كل ذلك يمكننا قبوله كمتابعين لقطاع الاتصالات العالمي، لكن الغريب في الأمر أن كل هذه الاخبار مصدرها فقط هو اثنين من مزودي التكنولوجيا تترامى عملياتهم بين مشارق الأرض ومغاربها.

أحدهما يتمتع بالموثوقية والاعتمادية ويتقدم بخطى ثابتة تتمتع بالرصانة ويتمتع بقبول لدى المجتمع الدولي بحكم المنشأ الأوروبي، وأما الآخر اعتمد الهرولة بقصد السبق مع أسعار تقل أحياناً عن سعر التكلفة ولا يتمتع بالموثوقية لدى العديد من النظم خاصة في بلدان العالم المتقدم.

ما من شك في أن الجيل الخامس نقلة نوعية في عالم الاتصالات من حيث سرعة حركة نقل البيانات وانخفاض معدل التأخير وسيؤثر بالقطع ايجاباً في اقتصادات الدول لاسهاماته البينة في الذكاء الاصطناعي وترسيخ المدن الذكية وقطاعات النقل والصحة والتعليم وغيرها من القطاعات.

غير أن الأمر لا يخلو من مخاطر لابد وأن تؤخذ في الحسبان على رأسها الأمن الالكتروني واستقلالية مراكز البيانات الضخمة والتأكيد على حماية المعلومات خاصة الحكومية منها.

لسنا ضد التطوير والتحديث لمسيرة قطاع الاتصالات المصري لكننا ندعو للتروي وأخذ الحيطة والحذر في التعاطي مع مزودي التكنولوجيا ومراعاة معايير الأمن القومي ودراسة حالة كل مزود على حدة ومراجعة كافة التفاصيل …. وفي التأني السلامة .