استقبل فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف أندجيه دودا رئيس جمهورية بولندا، وأجاتا كورنهاوز، قرينة السيد رئيس جمهورية بولندا، والوفد المرافق للرئيس، وذلك اليوم الثلاثاء بمقر مشيخة الأزهر.
ورحب فضيلة الإمام الأكبر بالرئيس البولندي والسيدة قرينته والوفد المرافق في رحاب الأزهر الشريف، مستعرضا تاريخ هذه المؤسسة التاريخية التي أُنشئت منذ أكثر من ألف عام، بهدف نشر منهج الإسلام الوسطي، مؤكدًا: «الأزهر يعمل على مدار تاريخه على ترسيخ المبادئ والقيم السمحة والسلم المجتمعي، وقد بادر الأزهر بإنشاء بيت العائلة المصرية، وهو القبة التي تجمع الأزهر والكنائس المصرية، ويقوم هذا البيت بمعالجة المشكلات المجتمعية التي تلبس ثوب الدين، ويضع منهجًا علميًّا وعمليًّا لمكافحة التعصب والتطرف والكراهية».
وبيَّن فضيلته أنَّ الأزهر استحدث مناهج تدرس للطلاب في كل المراحل التعليمية، تتعلق بمكافحة الفكر المتشدد، وتحصين النشء من أفكار الجماعات المتطرفة بأسلوب علمي مبسط يناسب المراحل العلمية للأطفال في المعاهد وللشباب في الجامعة الأزهرية، مشيرًا إلى أنَّ الأزهر يستقبل ٤٦ ألف طالب وافد من ١٠٦ دولة حول العالم، وهؤلاء الطلاب هم سفراء للأزهر بعد تخرجهم يحملون فكره، ويعودون إلى بلادهم ينشرون منهجه الوسطي المستنير.
واستعرض فضيلة الإمام الأكبر جهود الأزهر فيما يتعلق بإرساء أسس السلام العالمي ونشر الأخوة الإنسانية، مشيرًا إلى أنَّ الأزهر بادر بالانفتاح الإيجابي على المؤسسات الدينية والثقافية حول العالم، وتُوج هذا الانفتاح بتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية مع البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وتوطيد علاقتنا مع كنيسة كانتربري ومجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس الشرق الأوسط، وعقدنا مؤتمرات دولية عديدة لمناقشة تعزيز مبادرات حوار الأديان، وتأصيل مبدأ المواطنة وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، والحد من استخدام مصطلح الأقليات، وصدر عن الأزهر ومجلس حكماء المسلمين إعلان الأزهر العالمي للمواطنة.
وصرَّح فضيلة الإمام الأكبر: «تقديرًا لزيارتكم سيادة الرئيس و قرينتكم للأزهر الشريف، فسوف نخصص ١٠ منح دراسية لطلاب بولندا لدراسة الإسلام الصحيح الذي يضمن نشر قيم السلام والأخوة ويكافح التطرف والتعصب والكراهية، كما نرحب بتدريب الأئمة البولنديين في أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، وتعزيز قدراتهم على تفنيد الأفكار المتطرفة والمتشددة، والتعمق في معرفة موقف الأديان من المرأة والقتل والاعتداء على الآخرين، وتعزيز مهاراتهم في تحقيق الاندماج الإيجابي للمسلمين داخل المجتمعات الغربية، وتعزيز شعور المسلم بأنه جزء من الدولة التي يعيش فيها وعليه حقوق حمايتها والحفاظ عليها”.
من جانبه، قال الرئيس البولندي: «سيعد بزيارتي لفضيلتكم اليوم، ونقدر دور علماء الأزهر في مكافحة التطرف والتعصب، ومخاطبة الشباب والنشء بالحجة والعقل، ونقدر الفكر الأزهري الوسطي الرائد في نشر قيم السلام والتعددية ومكافحة كل أشكال الاضطهاد الديني، وهو أحد المحاور التي نبذل قصارى جهدنا في محاربته في بولندا، وبمبادرة من بلدنا بولندا خصصت الأمم المتحدة 22 أغسطس يومًا دوليًّا لإحياء ذكرى ضحايا العنف على أساس الدين، ومواطنينا يحترمون التعدد الديني، ونسعى لفتح آفاق جديدة للتعاون مع مصر خاصة فيما يتعلق بمبادرات حوار الأديان».
ورحب الرئيس البولندي بمبادرة فضيلة الإمام الأكبر بتخصيص ١٠ منح دراسية للطلاب البولنديين للدراسة في الأزهر، وإلحاق أئمة بولندا للتدريب بأكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، مؤكدًا أنه سيقوم بتشجيعهم على الالتحاق بالجامعة الأزهرية، والتواصل مع المؤسسات الإسلامية في بولندا للاستفادة من برامج تدريب الأئمة، مشيرًا إلى أنَّ المسلمين جزءٌ لا يتجزأ من النسيج الوطني البولندي ويتمتعون بالحقوق ذاتها التي يتمتع بها المواطن البولندي.
وفي نهاية اللقاء، أهدى فضيلةُ الإمام الأكبر الرئيسَ البولندي والسيدة قرينته نسخًا معدة باللغة الإنجليزية من كتاب «ذاكرة الأزهر» و«وثيقة الأخوة الإنسانية» التي وقعها فضيلته مع قداسة البابا فرنسيس، وكتاب «الإمام والبابا والطريق الصعب» والذي يحكي مراحل ولادة الوثيقة التاريخية وتحولها من مجرد فكرة إلى واقع ملموس يحتفل به العالم في الرابع من فبراير من كل عام في اليوم الدولي للأخوة الإنسانية.