من حق أي مواطن أن يتساءل: أين تذهب أموال صندوق الحج والعمرة؟
هذا الصندوق الذي أصبح اسمه حاضرًا مع كل موسم حج أو عمرة، لا يثير الجدل بسبب أهدافه المعلنة،
بل بسبب آليات تمويله، الرسوم المتزايدة المفروضة لصالحه، والأخطر من ذلك غياب الرقابة المباشرة للجهاز المركزي للمحاسبات.
صندوق الحج والعمرة
مصادر دخل لا تنضب
الصندوق يستمد موارده من جيوب المواطنين بشكل أساسي:
• رسوم إضافية تُفرض على كل متقدم للحج أو العمرة.
• حصص من عوائد تأشيرات العمرة التي تنظمها شركات السياحة.
• إيداعات مالية تستثمر وتدر عوائد متنامية.
هذه الموارد تتدفق سنويًا بمئات الملايين، ما يجعل الصندوق واحدًا من أكثر الأوعية المالية ثراءً في قطاع الخدمات الدينية والسياحية. لكن السؤال الذي لم يجب عليه أحد حتى اليوم: كيف يتم إنفاق هذه الأموال، وبأي آليات؟
الرسوم… عبء يتضاعف
ارتفعت الرسوم المخصصة للصندوق بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، لتتحول من رسوم رمزية إلى عبء ثقيل على كاهل المواطنين وشركات السياحة.
الأغرب أن المواطن الذي يدفع هذه الرسوم لا يجد مردودًا ملموسًا في الخدمات، ما يجعل الأمر أقرب إلى “إلزام مالي” بلا مقابل حقيقي.
غياب الرقابة… الثغرة الأخطر
الأكثر خطورة أن الصندوق لا يخضع للجهاز المركزي للمحاسبات، بموجب فتوى مجلس الدولة في ديسمبر 2016. وهنا يثور سؤال مشروع: كيف يمكن لأموال تُحصّل من ملايين المصريين أن تُدار بعيدًا عن عين أكبر جهاز رقابي في الدولة؟
الحديث عن “الاستقلال المالي والإداري” لا يبرر استثناءً بهذا الحجم. فالاستقلال شيء، وانعدام الرقابة شيء آخر. وعندما تغيب الرقابة، تفتح الأبواب على مصاريعها أمام الشكوك، بل وربما سوء الإدارة.
الثقة تُبنى بالشفافية
إذا كان الهدف من الصندوق خدمة الحجاج والمعتمرين، فإن أول ما يحتاجه المواطن هو أن يطمئن إلى أن أمواله تُدار بأمانة، وأن كل جنيه يُنفق في مكانه الصحيح. وهذا لن يتحقق إلا بفرض رقابة حقيقية، سواء عبر الجهاز المركزي للمحاسبات أو من خلال لجان مستقلة تقدم تقاريرها للرأي العام.
الخلاصة
صندوق الحج والعمرة في صورته الحالية يمثل نموذجًا صارخًا لفجوة بين الرسوم المتزايدة والرقابة الغائبة. ومهما كانت النوايا حسنة، فإن غياب الشفافية يضع علامات استفهام حول مصير الأموال.
فمن حق المواطنين الذين يدفعون هذه الرسوم أن يعرفوا: أين تذهب أموالهم؟ وكيف تُدار؟ ولماذا لا تخضع لأعلى سلطة رقابية مالية في الدولة؟