شهدت الحقبة الجديدة من الالفية الثالثة قفزات نوعية على صعيد قطاع الاتصالات العالمي، ولم تك مصر بمعزل عن التطورات العالمية من تعاقب أجيال شبكات الهواتف المتحركة إلا قليلا.
وحررت قطاع المتحرك من السياسات الاحتكارية بفتح القطاع أمام مشغل جديد في العام 2006 واشتدت المنافسة حتى ارتفعت معدلات النفاذ في سوق الهواتف المتحركة حتى وصلت الى نسب مرتفعة من التشبع.
ثم أدخلت مشغل جديد وان كنت اختلف جزئياً على الطريقة التي أذنت بها الحكومة للمشغل الوطني الجديد، من حيث القواعد التنظيمية أو حتى طريقة طرح الترخيص.
غير أني لن أتوقف كثيراً عند هذه الجزئية وسأعتبرها حق مشروع في أن تدخل الدولة ممثلة في المصرية للاتصالات سوق المنافسة للهاتف المتحرك.
وبات الواقع في قطاع الاتصالات المصري على صعيد الهواتف المتحركة يشي بمنافسة حقيقية وفعَالة من حيث الشكل ومعدلات النفاذ، أما من حيث القيمة السوقية وتعاظم نمو العائدات وصافي الأرباح لابد أن نتوقف قليلاً لدراسة وضعية السوق وفرص النمو والأسباب الحقيقية وراء عملية التخارج التي أقرتها فودافون وعزوف المستثمرين عن الدخول للسوق المصري.
لا زالت أمام القطاع فرص استثمارية كبيرة تتوازى مع الطفرات الكبرى التي تحققت في السنوات الست الأخيرة من حيث المشروعات القومية أو من حيث المدن الجديدة.
ولازالت لدينا فرص لتعميم تجربة شبكة الألياف الضوئية التي ستغير واقع قطاع الاتصالات المصري إذا ما قدر لها الدراسة والتنفيذ.
لدينا الإمكانيات التي تؤهلنا لإقامة مدينة تكنولوجية متكاملة كما هو الحال في بنجالور الهندية ولدينا القوة البشرية الهائلة ولدينا المهندسين والفنيين يديروا قطاع الاتصالات في المنطقة.
وأرى الفرصة مواتية لأن نغتنم عمليات التطور المتنامية في هذا التوقيت ورغبة القيادة السياسية في احداث الفارق وفي زمن قياسي.
انشاء المدن التكنولوجية لتقديم خدمات الحوسبة السحابية عن بُعد وغيرها من مقتضيات طبيعة المرحلة التكنولوجية أمر ليس ببعيد وليس بالكثير على مصر أن توليها الأهمية القصوى.
المدن التكنولوجية والمصانع الفرعية لمزودي التكنولوجيا تصلح في كل مكان على أرض المحروسة، فهناك عند محور قناة السويس وفي سيناء شمالا وجنوباً وفي الظهير الصحراوي الممتد شرق النيل وغربه كلها مدن تحفل بالعديد من المميزات وامتدت اليها أيادي التعمير والبناء وحُدثت فيها البنى التحتية لتكن بذلك بيئات صالحة للاستثمار.
لابد وأن تخطو مصر تجاه قطاع الاتصالات فهو بوصلة الاستثمار في العالم الآن، وبحسابات المخاطر: كل القطاعات عُرضة للربح والخسارة إلا قطاع الاتصالات، حتى أنه في أشد الأزمات بقي واقفاً راسخاً، يحقق الأرباح المليارية ومحافظاً على أكبر العوائد لمستثمريه.