بعد قيام “حركة حماس” بعملية أُطلق عليها “طوفان الأقصى”، مخترقة الغلاف الأمنى لإسرائيل، حيث كبدتها خسائر
فادحة ما بين ستمائة قتيل وأكثر من ألفي مصاب، وأعداد كبيرة يصعب حصرها من الأسرى، محطمة بذلك أسطورة الأمن
الإسرائيلي، وللمرة الأولى يستخدم فيها عناصر تسليح متطورة في الهجوم على المستوطنات مثل الخفاش الطائر،
طائرات مسيرة بالإضافة للصواريخ، في أسلوب جديد تميز بعودة الهجمات البرية واستهداف قواعد عسكرية إسرائيلية،
ومهاجمة مستوطنات، ودبابات بأفراد والقيام بعمليات أسر كبيرة للجنود الإسرائيلين- وهذا منهج معروف لدى الحرس
الثوري الإيراني – مما حطم نظرية الأمن الإسرائيلى.
طوفان الأقصى
كما طرح المحللون العسكريون بالمواقع الإخبارية الأسئلة المختلفة حول مثل هذه العملية، فهي نتاج تجهيز وتخطيط
لمدة أشهر، فأين كانت أجهزة المخابرات داخل إسرائيل من حماية غلافها الأمنى !!؟، خاصة وأن الكيان الإسرائيلى قد قام
على عوامل أساسية وهي : قوة أجهزة المخابرات وقدرتها على توقع الأخطار وردعها وإجهاض أي محاولات لإختراق هذا الكيان،
امتلاك جيش كبير قوي داخل المنطقة العربية، يمتلك القدرة على صد أي عدوان أو خطر، أيضا وجود حليف دولي قوي لدعم
إسرائيل وحمايتها، وهذا الدور الذى قامت به أمريكا في حرب أكتوبر، عندما تمكنت مصر حصد النصر وتكبيدهم هزيمة كبرى،
ثم كانت المفاوضات، ومعاهدة كامب ديفيد والتى تم معها التخلى عن مساحة ستين ألف كم مربع (تعادل) ثلاثة أمثال المساحة
التى تعيش فوقها مما جعلها تعاني من مرحلة “انكماش جغرافي” .
مما لا يخفى على أحد أن في الآونة الأخيرة تعاني أسرائيل من أزمات داخلية طاحنة منها العجز عن سداد فوائد ديونها
الخارجية التى تبلغ 310 مليار دولار مما يهدد بإنهيار اقتصادي !، كما تعاني داخلياً من رفض شعبي ل”تنظيم القضاء” الذي
أقره نتينياهو مما يهدد بفوضى داخلية كبيرة، كما أن هناك أزمة داخل الجيش الإسرائيلى نتيجة لرفض جنود الإحتياط وهم
–عصب الجيش الإسرائيلي- الإلتزام بتوقيتات التجنيد، نظراً لرفضهم لحكومة نتينياهو مما يعد نقطة ضعف خطيرة داخل
الجيش الإسرائيلي .
من هنا كان قرار اعلان إسرائيل لحالة الحرب حتى تستعيد توازنها من هذه الضربة المباغتة، وبالطبع فرصة لإستثمار
نتائجها لصالح اسرائيل، على المستوى الدولي من حيث الدعم والمساندات، لإصلاح ما يمكن اصلاحه داخليا وخارجياً .
للأسف من المتوقع جراء عملية “طوفان الأقصى” أن تخسر فلسطين حصد ثمار مجهودات مصر لإعتماد إسم “دولة فلسطين”
بالأمم المتحدة بدلاً من –الكيان الفلسطينى- حيث نرى شجب دولي للأحداث وأراء تتجه لتصنيف الأحداث تحت مسمى
“الإرهاب” وهذا طبعا من منطلق الكيل بمكيالين .
من المفارقات المواكبة لهذه الأحداث الجسام، انها تمت بنفس توقيت إحتفال مصر بأنتصارات السادس من أكتوبر في “يوبيله
الذهبي”، أيضا مواكبة الإعلان عن الترشيحات الرئاسية بمصر، وأن يكون الرئيس السيسي هو أول مرشح يتقدم للهيئة العليا
للإنتخابات ، بعد استيفاء أوراق وشروط الترشيح بعدد توكيلات من المصريين تعدت إلى الآن المليون وثلاثمائة ألف توكيل،
بالإضافة إلى أربعمائة وعشرة تزكية من أعضاء البرلمان .
فترة عصيبة في تاريخ مصر بل المنطقة العربية والإفريقية
مما لا شك فيه أننا نخوض فترة عصيبة في تاريخ مصر بل المنطقة العربية والإفريقية – وسط متغيرات عالمية وإقليمية –
اليوم .. علينا أن نعي أولاً وأخيراً أنها (معركة وعي) للشعوب والأفراد، حتى نستطيع رصد المستجدات وقراءة المشهد
بفكر واع مستنير ندرك به خطورة المرحلة من أجل اقتناص منفذ نحمل من خلاله شعلة تنير الطريق لأجيال المستقبل ..
حفظ الله مصر والوطن