يشكل النموذج الإماراتي طبقا شهيا من التجارب الاقتصادية الناجحة الممزوجة بالتخطيط والخبرة والطموح والمال والشغف في أن تكون ضمن الصفوة .
والحديث اليوم عن التفوق الاقتصادي للإمارات العربية المتحدة في إطار الصحة . ومن عوامل النجاح التي ساعدت الامارات هي وجود سياسة عامة واحدة تخضع للتطوير سياسة مؤسسية لا شخصية لا تتغير بتغير الأمير أو الوزير بل هناك هدف والجميع يسير نحوه دون إلغاء وتغيير لتلك السياسية فإذا كنت تريد أن تعرف الاقتصاد الإماراتي فيمكن القول بأنه ذلك الاقتصاد صاحب السياسة االثابتة الأهداف المرنة في الوصول لتلك الأهداف , وقد أعطت الإمارات أهمية كبيرة للصحة منذ سبعينيات القرن الماضي تحديدا عام 1975 عندما أقامت معرض للرعاية الصحية يأتي له المختصين عن قطاع الصحة من كافة بقاع الأرض ولأن الجميع في الإمارات يسير لهدف واحد فيتم تكاتف وزارة الصحة بالامارات وهيئة الصحة بأبو ظبي ومثيلتها في دبي بجانب هيئة مدينة دبي للرعاية الصحية لإخراج المعرض في أبهى صوره ولا شك أن معرض مثل ذلك يتمتع بالعديد من الميزات منها الإطلاع على أحدث التقنيات الطبية والابحاث والابتكارات وعقد الثفقات التجارية والتطلع بشكل دائم لما هو جديد فعلى مدار ثمان 48 عام شكل هذا المعرض منصة إلتقاء لابرز المتخصصين في المجال من مصنعي المنتجات الطبية وموفري الخدمات في مجال الرعاية الصحية والتجارة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ويمكن لك أن تعلم أن هئا العام حضر 3000 شركة عارضة من 70 دولة حول العالم يجانب 10 مؤتمرات طبية وآلاف الزيارات الحضورية أو عبر شبكة المعلومات الدولية الانترنت وقد عقد هذا العام في مركز دبي التاجري العالمي
ويمكن أن نشير إلى بعض الإنجازات فيما يتعلق بهذا المعرض والمتصلة بالثورة الصناعية الرابعة فعلى سبيل المثال تم افتتاح جناح خاص بالصحة الذكية برعاية جمعية الصحة الذكية وهو مختص بعرض اخر ماوصل إليه العلم من دمج الثورة الصناعية الرابعة بالصحة . كذلك أطلق المستشفى الأمريكي قناته المعلوماتية الرقمية إيذانا بإطلاق عصر جديد من الانفتاح المعلوماتي الطبي كما أعلنت المملكة العربية السعودية أول روبوت بشري سعودي يقدم الرعاية الطبية وهو من خلال شركة حلول السحاب السعودية والذي يستطيع ان يخدم المر ضى بجانب كونه مزود بتقنية الذكاء الاصطناعي كما أنه مؤهل للتعامل مع كافة الحالات والمرضى بشكل دقيق ومتقن وقد سمي بأسم ” راكان ”
وبعد ان رصدنا أن الإمارات العربية المتحدة وضعت هدف منذ مايقرب من نصف قرن من الزمان واستمرت في تطويره حتى أصبح مواكبا للعصر الذي يعقد فيه عصر الثورة الصناعية الرابعة . فيمكننا التساؤل هل هذا الاسلوب وليد الصدفة أو مقتصر على هذا القطاع فحسب أم أنه ممتد إلى مجال آخر
نذهب مباشرة إلى ما يعرف بأسم أجندة دبي الاقتصادية ( D33 ) والذي يتركز هدفها على مضاعفة القوة الاقتصادية لدبي في العشر أعوام القادمة حتى تصبح ضمن أفضل ثلاث مدن اقتصادية حول العالم و تضم أجندة دبي الاقتصادية 100 مشروع تحولي خلال العقد القادم، وتضم الحزمة الأولى من هذه المشاريع التحولية ما يلي:
مضاعفة حجم التجارة الخارجية لدبي وإضافة 400 مدينة لخارطة التجارة الخارجية.إطلاق مخطط دبي للصناعة الخضراء والمستدامة بما يشمل تطبيق أحدث معايير الصناعة ودعم تصدير المنتجات الخضراء واعتماد إطار لتداول أرصدة الكربون في سوق دبي المالي.إطلاق ممرات دبي الاقتصادية المستقبلية 2033 مع أفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وجنوب شرق آسيا بهدف ربط وتنمية الفرص في القطاعات الرئيسية والواعدة كالقطاعات اللوجستية والقطاعات المصرفية وأسواق المال.إطلاق برنامج دعم نمو 30 شركة في القطاعات الجديدة لتكون شركات “يونيكورن” عالمية.دمج 65 ألفاً من الجيل الإماراتي الصاعد في سوق العمل وفي القطاعات الواعدة.إطلاق مشروع تجار دبي لإبراز وتمكين الجيل الجديد من تجار دبي في مختلف القطاعات الرئيسية (الصناعة والاستدامة والاقتصاد الرقمي والابتكار) ودعم توسع أعمالهم عالمياً.إطلاق رخصة دبي الموحدة لتوفير هوية تجارية موحدة لجميع الشركات وفي جميع المناطق، والتي سيتم استخدامها في كافة الإجراءات الحكومية والمصرفية، مما يساهم في تسهيل ممارسة الأعمال في دبي.إطلاق “ساندبوكس دبي” للسماح باختبار وتسويق المنتجات والتقنيات الجديدة بهدف أن تكون دبي مركزاً رئيسياً لاحتضان الابتكارات.إطلاق مشروع دبي لاستقطاب أفضل الجامعات العالمية بهدف أن تكون الإمارة مركزاً ريادياً للتعليم العالي على مستوى العالم.و تطوير برنامج تعزيز نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال تحديد 400 شركة ذات إمكانيات عالية ودعم بناء القدرات والتوسع عالمياً لهذه الشركات.
وقد حددت أجندة دبي الاقتصادية مجموعة الأهداف التالية:
رفع إجمالي حجم التجارة الخارجية من 14.2 تريليون درهم في العقد الماضي إلى 25.6 تريليون درهم للسلع والخدمات في العقد المقبل زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر من متوسط 32 مليار درهم سنوياً في العقد الماضي إلى متوسط 60 مليار درهم سنوياً حتى 2033 بإجمالي 650 مليار درهم خلال السنوات العشر المقبلة زيادة الانفاق الحكومي من 512 مليار درهم في العقد الماضي إلى 700 مليار درهم للعقد المقبلرفع تنافسية قطاع الأعمال وزيادة حجم استثمارات القطاع الخاص في المشاريع التطويرية من 790 مليار درهم إلى تريليون درهم حتى 2033رفع حجم الطلب على السلع والخدمات محلياً من 2.2 تريليون درهم خلال العقد الماضي إلى 3 تريليونات درهم للعقد المقبل إضافة 100 مليار درهم سنوياً من التحول الرقمي لاقتصاد دبي خلال العشر سنوات القادمة
ويلاحظ أمر هام هنا هو أن إعداد تلك الخطة استغرق عام على الارجح ففي العادة يطلق في الرابع من شهر يناير من كل عام خطط ومشاريع اقتصادية في دبي خاصة والامارات عامة وهذا الاستغراق لا يأخذ وقت لتطبيق ففي اقل من شهر أعلن مركز دبي المالي عن إطلاق منصة ميتا فيرس كجزء من استراتيجية دبي ميتافيرس والتي تهدف إلى إضافة 4 مليار دولار للناتج المحلي بحلول عام 2030 والذي يتوقع دعمه بأكثر من 40 ألف وظيفة افتراضية ورقمية والتي تشمل ضمن اهداف دبي في اضافة 27 مليار دولار سنويا من التحول الرقمي فهذا الأمر هو الأول في سلسلة من المبادرات التي تهدف الي تعزيز مكانة دبي كمركز عالمي للحياة الرقمية ومركزا كونيا للتكنولوجيا والابتكار
كل ذلك لا يأتي محض صدفة بل محض حب للوطن ولم يكن لذلك الحب الموجود في قيادات تلك الامارات إلا بوجود شعب يكن نفس الحب لهذا الوطن العزيز فكلاهما وضع الوطن نصب أعينه ثم وضعوا هدف وسياسة الوصول إليه مرنة حتى أنك تجد الإمارات في الصف الأول الاقتصادي للعالم أصبح لا ليتعلم بل ليعلم من كان هناك في القمة ذات يوم وترك مكانه منذ أكثر من خمسين تلك الفترة نفسها التي احتاجتها الامارات لتتصدر العالم فما بين تصدر إماراتي ونمو سعودي هو الأعلى عالميا وإبهار قطري يقف العالم مندهشا تارة ويكيد لهم تارة أخرى من فرط الإعجاب بتلك التجربة ، يتبع ……….