الأزهر قلعة الاجتهاد منذ نشأته وحتى اليوم والنصوص الظنية هي محل الاجتهاد ولا تجديد في النُّصوص القطعية بحال من الأحوال
الإسلام رفع عن العقل الحجر والوصاية وأطلقَه من أسر الوهم وقيود سوء الفهم
دعم الأصوات الغير مؤهلة للحديث في الدين والدفع بها إلى الصدارة لا يفيد وطنا ولا يحفظ أمنا ولا سلاما
أكد فضيلة أ.د محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، على مجموعة من الرسائل المهمة خلال كلمته في مؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ال٣٣ والذي ينعقد تحت عنوان “الاجتهاد ضرورة العصر” (صوره، ضوابطه، رجاله، الحاجة إليه)، بحضور أكثر من ٢٠٠ وزير ومفتٍ وعالم ومفكر من ٥٥ دولة.
وجاءت الرسالة الأولى: إنَّ الأزهر الشريف كان قلعة الاجتهاد منذ نشأته، وحتى يوم الناس هذا، وسيظل إن شاء الله.
الرسالة الثانية: إن الاجتهاد في عصرنا الحالي يقتضي أن يكون اجتهادًا جماعيًّا ومؤسسيا؛ لتعدد الاختصاصات العلمية، وتشابك القضايا بين علوم عدة، ناهيك عما تتيحه الرقمنة من إمكانيات لم تتح لفقهائنا الأوائل.
الرسالة الثالثة: إن تحقيق نهضة الأمة لا يكونُ إلا بالسير في خطين متوازيين:
الأول: خط ينطلق من القرآن والسنة، ثم مما يتناسب وقضايا العصر من كنوز التراث، مع مراعاة التعدد في الفهمِ والفكرِ والرَّأي بما لا يخرجُ عن قواعد المناهج المستقرة؛ دون احتكار التفكيرِ والنظر وقصر الحق في مذهب واحد دون غيرِه، فمثلُ هذا الخطابِ لم يعرفْه الإسلام في أي عصرٍ من عصور الازدهار أو الضعف.
والثَّاني خط مواز ننفتح فيه على الآخرين بهدف استكشاف عناصر التقاء يمكن توظيفها في تشكيل إطار ثقافي يضم الجميع تحت لواء صيغةٍ وُسطى، تحترمُ الهويات، وتصون المجتمعات، وتؤمن الأوطان، بما لا يصادر فيه تراث على حداثة، ولا تجور فيه حداثة على تراث.
الرسالة الرابعة إنَّ الأزهر مُمثلا في جماهير علماء الأمة وهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية بمصر، قال كلمته الأخيرة في قضية الاجتهاد في مؤتمره الخاص بالتجديد – بأنه لا تجديد في النصوص القطعية بحالٍ من الأحوالِ، أما النصوص الظنية فهي محل الاجتهاد والتَّجديد.
والرسالة الخامسة: إننا يجب أن نعمل على زيادة الوعي بما في الواقع من تحديات، وأن نعرف ما يُراد بأوطانِنا وأمتِنا، وأن تقوَى ثقةُ النَّاسِ في مؤسَّساتِنا، وأن نستفيدَ من معطياتِ الواقع حتّى لا نتخلَّف عن ركبِه.
الرسالة السادسة: الاجتهاد في الْإِسلام أقوى دلِيلٍ على أَن دينَنا الحنيف قد رفع عن العقل الحجر والوصاية وأطلقه من أسر الوهم وقيود سوء الفهم، بل إنَّ إعمال العقل والتَّفكير والنظر والتأمل مطلوبات شرعية فـ«العقلُ لن يَهْتَدِيَ إِلَّا بِالشَّرْعِ، وَالشَّرْعُ لم يتَبَيَّن إِلَّا بِالْعقلِ، فالعقلُ كالأساسِ وَالشَّرْعُ كالبناءِ وَلنْ يُغنيَ أساسٌ مَا لم يكن بِنَاءٌ، وَلنْ يثبتَ بِنَاءٌ مَا لم يكن أساسٌ» كما قالَ حجَّةُ الإسلامِ أبو حامدٍ الغزاليُّ -رحمَه اللهُ تعالى.
الرسالة السابعة: من الغريبِ في ظل هذا الواقع الذي يفرض التخصص والمؤسسية والجماعية في الاجتهاد، أن نرى أفرادا غير مؤهلين يتصدرون للكلام باسم الدين فيأتون بأعاجيب لم يُسبقوا إليها، دون نظرٍ لهوية ثابتة أو مجتمعٍ مستقر، أو وطنٍ آمناوليس يخفى علينا أن دعم هذه الأصوات، والدفع بها إلى الصدارة، والعمل على تضخيمها لا يفيد دينا ولا وطنا، ولا يحفظ سلامًا ولا أمنًا.