لن نقبل شيئا أقل من كوكب قائم على أساس المساواة بهذه الكلمات نؤكد على كل ما يتعلق بحقوق المساواة بين الجنسين لتحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي المرجو على مستوى العالم، وهو الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة.
ورغم أن العالم أحرز تقدما في المساواة بين الجنسين بموجب الأهداف الإنمائية للألفية (بما يشمل التكافؤ في الحصول على التعليم الابتدائي بين البنات والبنين)، لا تزال النساء والفتيات يعانين من التمييز في أنحاء متفرقة من العالم. وبالرغم من ازدهار مشاركة النساء في مختلف المجالات إلا أنه مازالت هناك عدة حواجز تحول دون إنصاف المرأة في العمل ووضع العوائق غير المُبررة في طريقها.
نلاحظ أن أي عمل تلامسه أنامل المرأة يعود بارتفاع غير مسبوق على عائداته، ووفق الدراسات الدولية فإن وجود النساء في سوق العمل يرفع الناتج المحلي الإجمالي، ووفقاً لدراسات دولية أخرى فإن المساواة بين الجنسين اقتصادياً ستضيف 12 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2025 من خلال تعزيز مبادئ مساواة المرأة.
إن المساواة بين الجنسين لا تشكل حقا أساسياً من حقوق الإنسان فحسب، لكن أيضا تمثل أساسا من الأسس الضرورية اللازمة لإحلال السلام والرخاء والاستدامة في العالم، كما أن توفير التكافؤ أمام النساء والفتيات في الحصول على التعليم، والرعاية الصحية، والعمل اللائق، والتمثيل في العمليات السياسية والاقتصادية واتخاذ القرارات سيكون بمثابة وقود للاقتصادات المستدامة وسيفيد المجتمعات والإنسانية جمعاء،ولعل من أذكى طرق إعادة بناء الاقتصاد وتحقيق التنمية في بلدان العالم اعتبار النساء شريكاً كاملاً في التنمية وتعزيز المساواة بين المرأة والرجل في سوق العمل والنطاق الاقتصادي، إذ تُعد مشاركة المرأة في عملية البناء الاقتصادي أحد أهم أسباب ازدهار بتلات التنمية الاقتصادية.
تسعى أهداف التنمية المستدامة إلى وضع حد للتمييز ضد النساء والفتيات في كل مكان، ولابد إن أردنا تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة في تحقيق المساواة بين الجنسين، أن تكون هناك حقوق مكفولة ومتساوية في مختلف الجوانب الاقتصادية، كما يمكن تحقيق المزيد من المساواة بين الجنسين على الصعيد الاقتصادي والسياسي بتعزيز السياسات والتشريعات التي تشجع على تقلد النساء المناصب السياسية.
ولا شك أيضا أن تكنولوجيا الاتصالات تلعب دوراً مهماً في إتاحة فرص جديدة لتمكين المرأة اقتصادياً، إذ نشاهد اليوم العديد من المشاريع الناجحة التي تُدار من قبل النساء من خلال عالم التكنولوجيا.
تتبنى مملكتنا المغربية الحبيبة في الوقت الراهن، وبدعم مؤثر من القيادة السياسية، رؤية تنموية في مختلف المجالات وتسعى إلى تطبيقها عبر مجموعة من الآليات والسياسات العامة التي تتوخى تحقيق عدد من الأهداف والمقاصد خلال فترة زمنية محددة.
من أبرز تلك المقاصد السعي إلى تجسير الفجوة بين الجنسين أو ما يطلق عليه المساواة بين الجنسين وهو مقصد له أهمية كبيرة في ضوء ما كانت تعانيه المرأة -على وجه الخصوص – من تهميش وتغييب لحقوقها من ناحية، وفى ضوء ما تتمتع به المرأة بالفعل من طاقات لم تستغل لفترات ليست قصيرة، ويشير مقصد المساواة بين الجنسين إلى حتمية توفير الفرص المتكافئة لكلا الجنسين للحصول على الموارد الاقتصادية والخدمات الصحية والتعليمية والنفاذ إلى المناصب السياسية وكلها عناصر أساسية للاستمرارية من ناحية وتعظيم دور المرأة
ختاماً:
ليس من شك في أهمية تحقيق هدف المساواة بين الجنسين عبر آلية التوازن التي تراعى توفير الفرص بصورة متكافئة مع ضرورة كسر الحواجز الاجتماعية التي تعترض سبيل الفتيات والنساء بشكل يومي إلى جانب تسليط الضوء على العلاقة المباشرة بين المساواة بين الجنسين وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام والشامل للجميع، ولعل هذا ما استدعى دمج مفهوم المساواة بين الجنسين في جميع الخطط التنموية سواء كانت دولية، مثل أهداف التنمية المستدامة الأممية، أو إقليمية.
تحقيق المساواة بين الجنسين شرط أساسي لتحقيق مجموعة واسعة من أهداف التنمية المستدامة نظرًا لأهميتها في الحد من الفقر وتحسين المؤشرات والنتائج التعليمية والصحية، وبالنظر لما تمثله هذه السياسات من أهمية يصبح واجبا متابعة تنفيذها من ناحية والبناء عليها من ناحية أخرى عبر مجموعة من المقترحات والتي تتمثل فيما يلي:
استحداث لجنة تختص بالمساواة بين الجنسين داخل البرلمان.
إدماج سياسة المساواة بين الجنسين في إطار مشروع التنمية الريفية.
إنشاء الأكاديمية الوطنية الاجتماعية كمنشأة ذات طابع خاص تتولى نشر ثقافة المساواة بين الجنسين وتقديم الدعم الحكومي والأهلي
إدماج تلك القيم في المقررات الدراسية عبر مراحلها المختلفة.
تبنى الدراما التليفزيونية لقيم المساواة بين الجنسين وعرض أعمال فنية تحث عليه.
تصميم ألعاب إلكترونية لحث الأطفال في مراحلهم المبكرة على تقبل قيم المساواة بين الجنسين.
إن هدف تحقيق المساواة بين الجنسين يبقى مصدرًا مهمًا لارتقاء الأمم ومسعى إيجابيا لتعزيز جهود التنمية المستدامة على كل الأصعدة مما يستلزم تكامل الأدوار وصدق النوايا، وتصميم سياسات داعمة ومعززة على المدى المتوسط والطويل، وتعزيزاً لجودة الحياة بينهما.