أكد منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي Egypt-ICF، ان ارتفاع تكلفة التمويل هى احد أهم التحديات الرئيسية أمام التحول الاخضر فى أفريقيا فضلاً عن عدم كفاية التمويل المتوفر لسد احتياجات القارة التنموية، لاسيما عقب تداعيات الحرب في أوروبا والتي أدت الى ارتفاع تكلفة الطاقة والغذاء ونزوح الاستثمارات مما تسبب فى مزيد من الضغط على البلدان النامية والاقتصاديات الناشئة لاسيما دول القارة السمراء. الامر الذى يتطلب أهمية تطوير آليات الديون السيادية المرتبطة بالعمل المناخي لتكون اكثر مرونة وصلابة امام المخاطر والازمات الخارجية.
جاء ذلك خلال الجلسة النقاشية حول “تخفيض تكلفة التمويل الأخضر المستدام”، والتي عُقدت ضمن فعاليات منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي في نسخته الثانية تحت رعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأوضح المشاركون الى ضرورة تطوير اسواق الديون السيادية وتخفيض تكلفة التمويل للدول التى تحقق استثمارات فى مجالات تساهم فى تحقيق التنمية المستدامة. كما ناقش الحضور آليات تطوير اسواق الاذون والسندات وتقليل تكلفة الاقتراض الأخضر من خلال تقديم ضمانات للمخاطر اما بشكل كلى او جزئى .
واتفقوا على أن تخفيض التكلفة ليس هو العامل الأساسي الوحيد خلال الفترة الحالية على المستوى العالمي إنما الأمر يتعلق بصفة خاصة بكيفية استخدام تلك التمويلات ضمن إطار كامل حول الأهداف المطلوبة أولاً وأدوات تمويلها وابتكار أدوات مبتكرة للتمويل وإعداد الدراسات الأكثر عمقًا حول تلك المشروعات بالتوازي مع التفكير في طريقة خفض تكلفة التمويل.
وقال سيلوين هارت، المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بشأن العمل المناخي، إن العالم لم يعد يمتلك رفاهية الوقت لتحقيق هدف الوصول إلى الإبقاء على ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة، والمحدد له بحد أقصى عام 2050.
وأشار “نقوم بالاستثمارات المطلوبة لحماية حياة الأفراد، لكن إفريقيا تقف على الخطوط الأولى في مواجهة التغير المناخي، والذي نرقب الكثير من الآثار له في أنحاء القارة.”
ولفت خلال الجلسة التي أدارها الدكتور ستيفن هامر مستشار الشراكات العالمية والاستراتيجية بالبنك الدولي، إلى أن فقط نسبة ٢٪ من الاستثمارات في الطاقة الجديدة والمتجددة تذهب لأفريقيا، وهو أمر غير مقبول، موضحا أنه يجب تأكيد وصول الأدوات الفعالة والتكنولوجيا الملائمة لأفريقيا والدول النامية، وأن المؤسسات والبنوك متعددة الأطراف تلعب الدور المنوط بها في تمويل القطاعين العام والخاص الإفريقيين لمواجهة التحديات الخاصة بالقارة فيما يخص الطاقة النظيفة والاستثمارات بها، وهو الأمر الذي يتطلب من الدول المتقدمة أن تجري مناقشات فيما بينها لتحسين جودة التمويل والقروض.
وأضاف أن تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD ذكر أن نسبة التمويلات الموجهة للتحول الأخضر في البلدان النامية تراوحت بين ٢٥٪ إلى ٢٦٪، مشددا على أن على المجتمع الدولي أن يزيد استخدام الأدوات المتاحة له بشكل أفضل لزيادة هذه القيم.
وفي كلمتها أثنت شيرين الشرقاوي، مساعد وزير المالية للشئون الاقتصادية على منتدى التعاون الدولي والتمويل الانمائي، مؤكدة في كلمتها أن مصر وضعت استراتجية لتطوير شكل التمويل موضحة أن الدولة حاليًا تركز على توجيه 30% من المشروعات نحو اهداف التنمية المستدامة وتستهدف خلال الفترة المقبلة زيادتها إلى 50% من إجمالي المشروعات المنفذة على المستوى المحلي.
وأشارت في كلمتها أن تكلفة التمويل ارتفعت بصفة عامة على الجميع سواء في الدول النامية أو المتطورة بنسبة بين 4-6%، موضحة أن ذلك يؤثر على كافة الأسواق نظرًا للأحداث العالمية والموقف العام في العالم.
وأوضحت أن الخطة لا تتعلق فقط بخفض تكلفة الاقتراض بينما نسعى في مصر لوضع استراتيجية كاملة للتمويل بوضع تصور كامل عن الاستثمار وخفض المخاطر وتحسين التصنيفات الائتمانية وخفض الفائدة وغيرها من الإجراءات التي تنعكس بشكل أكثر تأثيرًا على الاقتصاد بصفة عامة.
وأشارت إلى ضرورة توجيه تمويلات إضافية لما نواجه من مشكلات ومنها إعداد الكوادر ورفع إمكانيات الدول بما يمكنها من طرح مشروعات قابلة للحصول على التمويلات.
قالت الدكتورة حنان مرسي نائبة الأمين التنفيذي وكبير الاقتصاديين للمفوضية الاقتصادية لأفريقيا بالأمم المتحدة، أن الاحتياجات المالية لقارة أفريقيا كبيرة وتتزايد فيما تتقلص البيئة والموارد لتصبح أكثر تحديا للقارة التي تحتاج نحو 345 مليار دولار سنويا لتمويل أهداف التنمية المتسدامة.
وأضافت أن القارة تحاول التماشي مع مخاطر البيئة والتغيرات المناخية، في حين أن جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا كلها عوامل خفضت المساحة المالية المتاحة للدول الأفريقية لكي تستيجب لهذه الاحتياجات المتزايدة.
وأوضحت حنان مرسي، أنه في الوقت نفسه سعر الفائدة مرتفع في الأسواق المالية العالمية وهو ما يصعب عملية الحصول على تمويل.
وقالت نائبة الأمين التنفيذي وكبير الاقتصاديين للمفوضية الاقتصادية لأفريقيا بالأمم المتحدة، أن كيفية تناول التغيرات المناخية والأهداف الأنمائية أصبحت أكثر إلحاحا حالياً، فيما انخفضت المنح وأصبحت الدول التي تقدمها تواجه مشاكل وهو ما يؤثر على قدرتها على توفير المنح.
أضافت، إنه مع تراجع التمويلات فإنها أصبحت غير متاحة لدول متوسطة الدخل مثل مصر التي تعد أكثر تضرراً من التغيرات المناخية، وهو ما يتطلب نوعاً من الحلول الابتكارية لتناول هذه الأوضاع التي تحتاج إلى تمويل مشترك، مع العمل على تعزيز دور القطاع الخاص في تقليل المخاطر عبر تقديم الضمانات له لتحسين البيئة وجذب التمويل والاستثمارات.
وقالت إن البنك ينفذ الكثير من المبادرات لمبادلة الديون بالمشاريع في قطاع البيئة، وتقديم ديون جديدة تتناول الاحتياجات التمويلية الخضراء أو إعادة تمويل الموجودة بأسعار أفضل.
وأضافت حنان مرسي، أن البنك يعمل على زيادة السيولة وحلول الاستدامة وتناول المخاطر للدول الأفريقية التي تزيد بنحو 2.206 نقطة عن الدول المشابهة لها، ولذلك يعمل بنك التنيمة الأفريقي على تعميق السيولة وإتاحة سوق ثانوية وهو ما سيقلل تكلفة الاقتراض على المدى الطويل.
وأكدت نائبة الأمين التنفيذي وكبير الاقتصاديين للمفوضية الاقتصادية لأفريقيا بالأمم المتحدة، على الحاجة إلى التفكير في حلول ابتكارية لمواجهة التحديات المناخية، وتوجد دول أفريقية تحاول تطبيق ذلك لا سيما مصر إحدى الدول القليلة في أفريقيا التي طرحت سندات خضراء.
من جانبه قال إثيوبياس تافارا نائب رئيس مكتب المخاطر والشئون القانونية بمجموعة البنك الدولي ووكالة (ميجا) إن تكلفة الاقتراض أصبحت مرتفعة حول العالم، مؤكدًا على أن مكتب المخاطر يقدم نوع من الضمانات عند تقديم التمويلات أو توجيه التمويل للمشروعات المختلفة.
وأشار إلى أن ميجا تخفض من معدلات المخاطر على الاقتراض وتتيح نوع من الضمانات للمستثمرين، حيث تمتلك 3 صناديق أحدها للاستثمار في المشروعات في الدول التي تحتاج إلى تمويل مع ضمانات وتعهدات للمستثمرين بقدرة الدول على الحصول على تلك التمويلات حيث ضخت من خلال هذا الصندوق تمويل عدد من المشروعات في رواندا وكينيا والكونغو.
وتحدث عن الصندوق الاخر الخاص بـ(ميجا) حيث يتم توجيه التمويلات للمناخ ويركز على الطاقة المتجددة مثل مشروعات الكهرباء والمياه والطاقة الشمسية وغيرها من المشروعات الخاصة بالمناخ.
كما تمتلك (ميجا) صندوق أخير لدعم الدول المتأثرة بالمشكلات والصراعات والاقتصادات الهشة حيث يتم تخصيص التمويلات للدول الأكثر عرضة للصراعات والمشاكل على اختلافها. وأضاف أن (ميجا) تقدم إلى جانب تلك الصناديق والتمويلات أدوات تمويل مبتكرة مثل مشروع قامت به بالتعاون مع البنك الأوروبي للتنمية وإعادة الإعمار EBRD لتمويل السندات الخضراء في مصر فهو مشروع مدعوم من البنك وميجا في الوقت نفسه وهو المحور الثاني لعمل ميجا حيث تبتكر أساليب تمويل مبتكرة.
وأخيرًا تقدم (ميجا) العديد من البرامج الخاصة بما قبل تنفيذ المشروعات حيث تعد دراسات عن المشروعات المتاحة وتعد طرق مبتكرة ومختلفة في طرح تلك المشروعات لتنفيذها أسرع من قبل المستثمرين والمطورين وشركات الاستشارات الهندسية وغيرها.
قال جيك ليفين، كبير مسؤولي المناخ بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إن الوكالة والبنك الدولي والكثير من المؤسسات الدولية تعمل معاً لزيادة مشاركة ودعم القطاع الخاص في قضايا العمل المناخي، والعمل على تخفيض تكلفة التمويل، لتعميق نشر مشروعات مواجهة التغير المناخي.
وأشاد بإطلاق مصر المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء- برنامج “نُوفّي”، وسينجح في تحقيق أهدافه لأنه حدد أولويات المشروعات التي تحتاج الاستثمار لا سيما الاقتصاد الأخضر.
وأوضح كبير مسؤولي المناخ بمؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية، أن أزمة الطاقة في أوروبا أدت لمشكلة كبيرة في الوقود الحفري وعززت الحديث عن الطاقة المستدامة، فيما يحدد برنامج “نوفي” ستحدد أولوياتها على أساس الطاقة الخضراء والجديدة، وكيفية حشد الموارد فيما يتعلق بعملها.
وقال ليفين، إن مستثمري القطاع الخاص يجب أن يعملون مع أصحاب المصلحة لتقليل تكلفة السندات، لافتاً إلى أن لدى المؤسسة نحو 3.5 مليار دولار ديون ستقوم بتحويلها إلى سندات لتتحول إلى استثمار يقلل النفقات، وهو نموذج يوجد في الكثير من الأسواق الأفريقية.
وأضاف أن المؤسسة تستثمر ملايين الدولارات في جميع أنحاء العالم وتركز على المناخ وتسعى إلى الوصول إلى صفر% فوائد بحلول عام 2040.
وقال كبير مسؤولي المناخ بمؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية، إن المؤسسة تعمل على الوصول إلى سلاسل الإمداد وإمكانية المشاركة فيها للمساهمة في تخفيض التكلفة، لافتاً إلى عمل المؤسسة في إنتاج بطاريات السيارات وتوربينات الرياح وغيرها من المشروعات لتمويل المشاريع، والعمل مع الكثير من الشركاء في أوروبا.