ديبيكا بادوكون تفتح صفحة جديدة في الصحة النفسية الهندية بتعيين رسمي تاريخي
في تحول بارز يعكس مدى التقدم في رؤية الدولة الهندية لقضايا الصحة النفسية، أعلنت وزارة الصحة
ورعاية الأسرة الهندية عن تعيين النجمة العالمية ديبيكا بادوكون كأول سفيرة للصحة النفسية في الهند.
جاء هذا الإعلان في العاشر من أكتوبر، بالتزامن مع اليوم العالمي للصحة النفسية، في خطوة اعتبرها
المراقبون نقلة نوعية في جهود رفع الوعي المجتمعي بمخاطر الأمراض النفسية، وإزالة الوصمة
المحيطة بها في المجتمع الهندي.
تعيين تاريخي ورسالة دعم واضحة من الحكومة الهندية
تسلمت ديبيكا بادوكون رسمياً مهامها كسفيرة للصحة النفسية بعد لقاء جمعها بوزير الصحة الهندي
جيه بي نادا، ناقشا خلاله خطة العمل المستقبلية الهادفة إلى تعزيز التوعية بموارد الرعاية النفسية
وإتاحتها بشكل أكبر في جميع أنحاء البلاد.
وفي منشور مؤثر على حسابها الرسمي عبر إنستغرام، أعربت النجمة عن فخرها بهذا الدور، قائلة:
“في اليوم العالمي للصحة النفسية، يشرفني أن يتم تعييني كأول سفيرة للصحة النفسية على الإطلاق
لوزارة الصحة ورعاية الأسرة.
بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، اتخذت بلادنا خطوات حقيقية في إدراج الصحة النفسية كجزء
أساسي من الصحة العامة”.
وأضافت بادوكون أنها تتطلع للعمل بشكل وثيق مع الوزارة من أجل تعزيز بيئة داعمة ومشجعة
للتحدث عن مشكلات الاكتئاب، القلق، وغيرها من التحديات النفسية التي يواجهها ملايين الهنود يومياً.
ديبيكا بادوكون: من ألم شخصي إلى رسالة وطنية
لم يكن تعيين ديبيكا بادوكون في هذا المنصب ناتجاً عن شهرتها كممثلة فقط، بل كان اعترافاً
بمساهماتها الفعلية والمستمرة في مجال دعم الصحة النفسية في الهند، حيث تُعدّ
واحدة من أوائل المشاهير الذين تحدثوا علنًا عن تجربتهم الشخصية مع الاكتئاب في بيئة فنية
لطالما أخفت مثل هذه الأمور خوفاً من الوصمة المجتمعية.
في عام 2014، تعرضت بادوكون لحالة من الانهيار النفسي بعد سنوات من العمل المتواصل والضغط النفسي المستمر.
في مقابلة لاحقة ضمن برنامج “Pariksha Pe Charcha”، كشفت النجمة عن تفاصيل مؤلمة من تلك الفترة:
“كنت أعيش وحدي في مومباي، ومع ضغوط العمل والإرهاق المستمر بدأت أعاني من مشاعر غريبة.
كنت أشعر بالعجز، وفقدت الحافز على الاستمرار، بل وراودتني أفكار انتحارية. حين زارتني والدتي، لاحظت
أنني لست بخير، وطلبت مني أن أزور طبيبًا نفسيًا.
هذه الخطوة أنقذت حياتي”.
مؤسسة “عِش، أحب، اضحك” ودورها في إحداث التغيير المجتمعي
دفعت هذه التجربة الشخصية بـ ديبيكا بادوكون إلى تأسيس مؤسستها الرائدة “Live Love Laugh”
(عِش، أحب، اضحك) في عام 2015.
تهدف هذه المؤسسة إلى كسر الحواجز النفسية والاجتماعية التي تمنع الأفراد من الاعتراف ب
أمراضهم النفسية، وتوفير بيئة آمنة للتوعية والدعم.
تعمل المؤسسة من خلال حملات إعلامية، شراكات مع المدارس والجامعات، وتوفير موارد علاجية
بالتعاون مع متخصصين في الصحة النفسية، وقد ساهمت بشكل كبير في تغيير النظرة السائدة
حول المرض النفسي في الهند، والتي كانت ترتبط في الماضي بالوصمة والتمييز.

8 ساعات عمل فقط: قرار جريء يعكس وعيًا بالصحة النفسية
خلال الأسابيع الماضية، أثارت ديبيكا بادوكون الجدل بعد إعلانها الالتزام بحد أقصى 8 ساعات يوميًا
في العمل، وهي مدة اعتبرها البعض قليلة بالنسبة لنجمة في قمة عطائها الفني.
لكن ديبيكا ردّت على هذه الانتقادات مؤكدة أن هذا القرار يأتي في إطار حرصها على الحفاظ على صحتها
النفسية، مشيرة إلى أن الاهتمام بالجانب النفسي لا يقل أهمية عن أي إنجاز مهني.
الصحة النفسية في الهند: من التهميش إلى الاهتمام الرسمي
يُعد تعيين ديبيكا بادوكون كسفيرة للصحة النفسية من قبل وزارة الصحة الهندية إشارة واضحة إلى تحوّل
الدولة نحو التعامل الجاد مع قضايا المرض النفسي، بعد سنوات من التهميش. وفقًا لتقارير منظمة
الصحة العالمية، يعاني أكثر من 200 مليون هندي من أشكال مختلفة من الاضطرابات النفسية، ما يجعل
هذه الخطوة ذات أهمية استراتيجية ليس فقط رمزيًا، ولكن من الناحية العملية أيضًا.

أبرز ما تحمله المرحلة القادمة من مهام لديبيكا كسفيرة:
تعزيز حملات التوعية بالصحة النفسية في المدارس والجامعات.
دعم سياسات توفر العلاج النفسي المجاني أو منخفض التكلفة.
تسليط الضوء على أهمية التدخل المبكر في حالات الاكتئاب والقلق.
التعاون مع الجهات الحكومية والخاصة لإزالة الوصمة الاجتماعية حول العلاج النفسي.
دعم عائلي في لحظة حاسمة: شكر خاص لوالدتها
خلال تصريحاتها عن تجربتها مع المرض النفسي، لم تنس ديبيكا أن تشيد بوالدتها أوجالا بادوكون، التي
كانت الداعم الأساسي لها في لحظة الضعف.
تقول النجمة:
“لو لم تكن والدتي تملك هذا الوعي الكافي لتفهم أنني أُعاني من مرض نفسي، ربما لما كنت هنا اليوم.
دور الأسرة مهم للغاية في دعم المصاب وتوجيهه نحو العلاج.”
