السوشيال ميديا فلقت الحجر
ظاهرة المشاعر السلبية تتطور من العصور البدائية إلى السوشيال ميديا
يرتبط بنشاط مناطق معينة في الدماغ منها اللوزة الدماغية المسؤولة عن معالجة المشاعر السلبية
دراسة علمية: جميع الخلايا تضطرب بسرعة شديدة عند الحاسد مما يؤثر سلبًا على من أمامه
من قديم الأزل، شغل الحسد حيزًا من تفكير الناس، سواء أكانوا مؤمنين بالأديان أم لا، وتعددت محاولات الحماية والتحصين بل والوقاية أيضًا، وبدا الأمر وكأنه غرق في الأسطورية، حتى وصل الأمر إلى منصات التواصل الاجتماعي.
وفي مختلف الثقافات والأديان يُعتبر الحسد أحد الظواهر التي تحيط بها قصص وأساطير كثيرة، البعض يراه قوة غامضة تؤثر في حياة البشر، والبعض الآخر يعتبره مجرد شعور إنساني سلبي، لكن ماذا يقول العلم عن الحسد؟ هل يمكن قياس تأثيره على الإنسان؟ وكيف يمكن الوقاية منه في عالمٍ يتسارع فيه التقدم التكنولوجي بشكلٍ مذهل حيث يتنافس الأفراد على أحدث الهواتف الذكية، وتطبيقات التواصل الاجتماعي، وآخر صيحات الموضة.
وهنا يبرز سؤالٌ هام: هل تغيرت ظاهرة الحسد مع تطور التكنولوجيا؟ أم أن الوسائل تغيرت فقط؟
انفعال مٌعقد
(الحسد) شعور مألوف لدى الجميع بدرجات متفاوتة، ويُعتبر أحد أكثر الانفعالات تعقيدًا في النفس البشرية. والغريب أنه لا يقتصر على البشر فقط؛ إذ أظهرت أبحاث أن بعض الحيوانات، مثل القردة، تُظهر استجابات حسد عند مشاهدة أقرانها يحصلون على مكافآت أفضل. وهذا يشير إلى أن الشعور ربما يكون جزءًا من آليات البقاء التي تدفع الكائنات الحية إلى السعي لتحقيق الأفضل.
الحسد عبر التاريخ والثقافات
ظاهرة الحسد ليست وليدة العصر الحالي، بل كانت موجودة في المجتمعات البدائية، وتطورت أشكالها مع تطور المجتمعات. وفي الماضي كان الحسد يتركز على الممتلكات المادية كالماشية والأراضي، ثم تطور ليشمل المراكز الاجتماعية والسلطة، ومع ظهور منصات التواصل الاجتماعي، أصبحت مقارنة أنفسنا بالآخرين أسهل من أي وقت مضى. نرى صورًا مثالية، إجازات، حتى وجباتهم الفاخرة، مما يولد شعورًا بالحسد لدى بعض البشر.
أما في الدين، فقد تناولته جميع الأديان كعاطفة يجب السيطرة عليها، لأنه قد يدفع الإنسان إلى الشر. في الإسلام، يُذكر الحسد في القرآن الكريم في سياق التحذير من تأثيراته السلبية، كما في سورة الفلق: “ومن شر حاسد إذا حسد”.
أسباب الحسد
- البيئة الرقمية أصبحت تبرز الفروق الاقتصادية بين الأشخاص.
- التنافس الاجتماعي في بيئات العمل المختلفة.
- الإحساس بالحرمان نتيجة الشعور بالافتقار إلى شيء معين.
- انخفاض الثقة بالنفس وعدم الرضا عنها قد يعزز مشاعر الحسد.
- التنشئة الثقافية أحيانًا تغذي المقارنات المستمرة بين الأفراد.
الأبعاد العصبية للحسد
الحسد علميًا هو استجابة عاطفية تنشأ عندما يدرك الشخص أن شخصًا آخر يمتلك شيئًا يتمنى لو كان لديه. مع رغبة ضمنية في الحصول على تلك المزايا. وفقًا لعلم النفس، يُعتبر الحسد مزيجًا من مشاعر الغضب والإحباط والخزي.
ومن الناحية البيولوجية، الحسد يرتبط بنشاط مناطق معينة في الدماغ منها اللوزة الدماغية، المسؤولة عن معالجة المشاعر السلبية. أظهرت دراسات تصوير الدماغ أن رؤية شخص آخر يحقق نجاحًا أو يمتلك شيئًا مميزًا يؤدي إلى تفعيل مناطق الألم النفسي، ما يفسر الشعور بعدم الراحة المرتبط بالحسد.
الأبحاث توضح أيضًا أن الحسد ينقسم إلى نوعين:
- الحسد البناء الذي يدفع الشخص لتحسين ذاته لتحقيق ما يريده.
- الحسد الهدام الذي يولّد الغضب أو الكراهية تجاه الشخص المحسود.
إدارة الحسد بأسلوب علمي
الحسد، باعتباره شعورًا طبيعيًا، يمكن التحكم فيه إذا تم التعامل معه بوعي. ويقدم العلم عدة طرق لفهم هذا الشعور وإدارته:
- الاعتراف بالحسد كجزء من التجربة الإنسانية هو الخطوة الأولى للتعامل معه.
- بناء هوية قوية عبر تقدير الإنجازات الشخصية والتطوير الذاتي.
- تذكير النفس بالنعم الموجودة بالفعل يساعد في تقليل المشاعر السلبية.
اهتم العلماء بدراسة حقيقة الحسد علميًا، وصوروا الدماغ بالرنين المغناطيسي الوظيفيFMRI))، وما يحدث في خلايا المخ من تغييرات لم يستطيعوا التعبير عنها إلا أنهم وجدوا أن جميع الخلايا تضطرب بسرعة شديدة عند الحاسد مما يؤثر سلبًا على من أمامه بدرجة قد تصل إلى حد ان تفقد المحسود حياته.
وأجرى العلماء بعض التجارب على أشخاص متطوعين لدراسة حالة خلايا المخ أثناء الانفعالات والغضب، والحب فاكتشفوا أمورًا طارئة تحصل في الموجات التى تصدر من أدمغتهم، وهذه الموجات الغريبة التي رصدتها الأجهزة، واكتشفها العلماء بعد دراسة سلوكيات هؤلاء المتطوعين، أثبتوا أنه لا يوجد تفسير علمي لهذه الموجات إلا أنها بسبب الحسد!
كيف تحدث هذه الموجات تأثيرها السلبي؟
عندما نتحدث عن كيفية حدوث التأثير من خلال العين، ينبغي أن نتحدث عن عالم الطاقة الخفيّ، الذي لا نراه، إلا أننا نكتشفه من خلال أثار هذه الطاقة غير الظاهرة التي تتحرك بسرعة تفوق كثيرًا سرعة المادة في موجات تختلف في أطوالها وسعاتها، وكلما اختلفت هذه الخصائص اختلف أثر الطاقة وإحساسنا بها. وتسمى هذه الطاقة بالريكي أو طاقة الحياة الكونية. ورغم انتشاره ما زال البعض يعتبره من العلوم الزائفة.
ولقد ميز الياباني “هيروشي موتوياما” بين الشخص العادي والغير عادي، بأن الأخير لديه قدرة وطاقة نفسية داخلية تجعله صاحب عين ضارة.
واستطاع أن يصمم أجهزة دقيقة لقياس الطاقة، أثبت أن هناك انبعاثًا للطاقة من جسد الحاسد هي التي تسبب التأثير على الإنسان.
وأشار إلى أن هذه الطاقة تنبعث من بؤرات سماها “شاكرا”، توجد على امتداد الحبل الشوكي مع المحور الطولي للإنسان، وإن أشدها نشاطًا هي البؤرة الموجودة بين العينين؛ والتي تقابل تمامًا الغدة النخامية والصنوبرية فيه. وهذه تسيطر بدورها على كل غدد الجسم الأخرى. وخلص “هيروشي” إلى أن الأشخاص العاديين غير قادرين على بعث هذه الطاقة، أما الأشخاص الذين يمتلكون هذه القدرة فيمكنهم عن طريق التركيز والرغبة في تمني زوال النعمة التأثير على الشخص المصاب بالعين فتفسد انسياب الطاقة في جهازه العصبي.
كيف نواجه الحسد في عصر التكنولوجيا؟
- تقنين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي تشجع على استعراض المظاهر من خلال تحديد وقت الشاشة.
- كن واعيًا بأن ما تراه على الإنترنت هو نسخة محسّنة للواقع، حيث تُعرض النجاحات أكثر من الصراعات.
- استلهم من نجاح الآخرين بدلًا من مقارنته بنفسك.
الحسد ظاهرة معقدة تتأثر بالعديد من العوامل. وأرى أن المجتمع يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تقليل تأثيرات الحسد السلبية من خلال تعزيز ثقافة الامتنان والمشاركة، وتجنب التباهي المفرط والتذكيّر دائمًا أن السعادة الحقيقية والرضا تكمن في تقدير ما نملكه.
