رئيس مجلس الإدارة
سعيد اسماعيل
رئيس التحرير
مروة أبو زاهر

رئيس مجلس الإدارة
سعيد اسماعيل

رئيس التحرير
مروة أبو زاهر

محمد صبحي.. قائد سلاح الردع المسرحي

محمد صبحي

ستُبْدي لك الأيَّامُ ما كنتَ جاهِلًا/ ويأتيكَ بالأخبارِ مَن لم تُزوِّدِ

هذا البيت ضمن قصيدة طويلة لشاعر العصر الجاهلي المعروف طرفة بن العبد، يُراهن فيه على ظهور الحقيقة التي راهن البعض خطأ على أنها لن ترى النور، لكن الأيام أظهرتها.

الحقيقة المقصودة هي الواقع الذي كشفه الفنان محمد صبحي في فنه على مدار عقود، فبعد فارس بلا جواد، قدم لنا عملًا مسرحيًا كاشفًا عنوانه “فارس يكشف المستور”، لا يقل في صدقه التاريخي عن الحقائق العلمية.

ربما يرى البعض أن الفن لا يُقاس بالحقائق العلمية، لكن الفن ذو التعبير المجازي، قدم لنا حقائق مستقبلية، فالأمر تعدى مرحلة كشف حدود المؤامرة إلى حد فضح النوايا والخطط المستقبلية الخبيثة.

وبالعودة إلى الوراء قليلًا سنرى الترجمة الحقيقية لأسباب الاعتراض على مسلسل فارس بلا جواد من الولايات المتحدة الأمريكية وبالطبع إسرائيل، خاصة مع كشفه ما دُبر بليل، واستشرافه للمستقبل العربي ككل، إذ كشف ما دُون سرًا وقرأ طالع التاريخ فكان طبيعيًا أن يُربك دوائر صنع القرار هناك.

ما أغضبهم فعلًا هو الانحياز الكامل الذي قدمه الفنان محمد صبحي للقضية ليست الفلسطينية فحسب بل كل القضايا العربية، التي ظل مناصرًا لها طوال تاريخه الفني لنعرف في مرحلة لاحقة أنه مواليد عام النكبة ليبدو في تاريخه الفني كأنه تجرع مرارة هذا العام، ولما بلغ أشده واستوى إنسانيًا وفنيًا جعلها قضيته ورسالته.

فارس يكشف المستور رغم كل المحظور

الآن عاد “صبحي” بـ”فارس يكشف المستور” ليخبرنا ما حيك بليل ضد الجغرافيا والتاريخ في المنطقة العربية، لكنه قدمه لنا في صورة مسرحية وهذا هو الأسلوب الأمثل (عدم المباشرة) ولأن المؤامرة لم تسجل رسميًا في التاريخ إلا فيما ندر، فالعمل الفني يواجهها ويفضحها فيما ندر منها وما كثر، ومحمد صبحي ظهر متصديًا لها مستجيبًا لنداء مقاومي السويس على ألحان السمسمية “لمجد بلاده حارس من غدر الصهيونية”.

دخل “صبحي” عالم فارس يكشف المستور محمل بهموم ثقيلة أبرزها اتهامه في السابق بمعاداة السامية، وخاض المخاطرة والظروف ليست كالظروف، والمغيبون أكثر من العالمين ببواطن الأمور، لكنه خاض المعركة بجسارة رافضًا فيها الهوادة أو الرحمة، موقنًا بما ردده أحمد فؤاد نجم في قصيدة جيفارا: “يا تجهزوا جيش الخلاص يا تقولوا على العالم خلاص”.

ولأن التاريخ لا ينفصل أبدًا، بدأ “صبحي” في فارس يكشف المستور من حيث انتهى فارس بلا جواد، إذ أن عائلة السداوي تُكمل مسيرتها منذ الاحتلال الإنجليزي لمصر وحتى الآن ضد الصهاينة والأمريكان، فالمؤامرة لا تزال مستمرة، وما توقعه حافظ نجيب بفراسته تحقق على أرض الواقع.

تبدأ عائلة السداوي بالبحث عن كنز تركه لهم جدهم الأكبر حافظ نجيب الذي طالما قاوم الاحتلال في مصر وأخيرًا فلسطين ليجبرهم علي الاتحاد فكانت عائلة السداوي لا تصل أرحامها ولا يعرف أفرادها حتى ملامح بعضهم البعض، فيما كانت لُحمتهم ورابطهم على أرضهم التي هي كنزهم هي سبيل رفعتهم، موضحًا في رسالته التي بعلم الحاضر والغائب أنه لا مساومة على الأرض حتى ولو كان الثمن الأرواح.

محمد صبحي يُراهن على الوعي المتأصل

لا يزال “صبحي” يُراهن على الوعي المتأصل، إذ قدم فارس يكشف المستور على عكس اتجاه الرياح، فمنذ سبتمبر 2024 والعرض كامل العدد، ليثبت من جديد أن الفن الهادف له جمهوره، وأن كلمة “الجمهور عايز كده” هي فلسفة تبرير العجزة فنيًا فالإبداع على قارعة الطريق يذهب لمن يريده حقًا.

من جديد يؤكد محمد صبحي أنه ملك كوميديا الموقف، فيأخذك أولًا إلى أوضاع مأساوية، ثم يضحكك مقدمًا لك الحل، مبينًا العظمة في القدرة على الانتقال من أقصى مناطق الانكسار إلى أعلى مراتب الانتصار.

العمل طرق باب الجميع فمن أراد الرسالة مباشرة سيجد بريده الذهني يدق برسالة بعلم الوصول، ومن أراد رسالة مبطنة سيجد غايته هناك حيث مدينة سنبل للفنون، التي فيها المتعة والدهشة وبراعة النص وعبقرية الإخراج والديكور المُبهر، والطرب الذي يصل إلى القلب.

الرسالة الفنية التي قدمها الفنان محمد صبحي، لو شاهدها أكاديمي فهو قادر على الأخذ منها والتأريخ، ولو رآها سيناريست لأخذ من مادتها الدسمة ونسج من خيالها خيالات.

المستور دائمًا موعود بمحمد صبحي يسلط عليه شعاع الفن فيصبح مفضوحًا، وياما في الجراب فن، وإن عدتم عدنا.

أخبار ذات صلة

وزير التعليم العالي

وزير التعليم العالي يشارك في إفطار المجلس الأعلى للجامعات