يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ بن كثير تحت عنوان “ثم دخلت سنة ثنتين وثمانين ومائتين”
ففى خامس ربيع الأول منها يوم الثلاثاء دخل المعتضد بزوجته قطر الندى ابنة خمارويه،
قدمت بغداد صحبة عمها وصحبة ابن الجصاص، وكان الخليفة غائبا
وكان دخولها إليه يوما مشهودا، امتنع الناس من المرور فى الطرقات من كثرة الخلق.
وفيها: نهى المعتضد الناس أن يعملوا فى يوم النيروز ما كانوا يتعاطونه من إيقاد النيران
وصب الماء وغير ذلك من الأفعال المشابهة لأفعال المجوس،
ومنع من حمل هدايا الفلاحين إلى المنقطعين فى هذا اليوم،
وأمر بتأخير ذلك إلى الحادى عشر من حزيران، وسمى النيروز المعتضدي، وكتب بذلك إلى الآفاق.
وفيها: فى ذى الحجة قدم إبراهيم بن أحمد الماذرائى من دمشق على البريد،
فأخبر الخليفة بأن خمارويه وثبت عليه خدامه فذبحته على فراشه، وولوا بعده ولده حنش ثم قتلوه ونهبوا داره،
ثم ولوا هارون بن خماروية، وقد التزم فى كل سنة أن يحمل إلى الخليفة ألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار،
فأقره المعتضد على ذلك، فلما كان المكتفى عزله وولى مكانه محمد بن سليمان الواثقى فاصطفى أموال الطولونيين، وكان ذلك آخر العهد منهم.
وفيها: أطلق لؤلؤ غلام أحمد بن طولون من الحبس فعاد إلى مصر فى أذل حال بعد أن كان من أكثر الناس مالا وعزا وجاها.
وفيها: حج بالناس الأمير المتقدم ذكره وفيها توفى من الأعيان: أحمد بن داود أبو حنيفة الدينورى اللغوى صاحب كتاب النبات.
إسماعيل بن إسحاق
ابن إسماعيل بن حماد بن زيد أبو إسحاق الأزدى القاضي،
أصله من البصرة ونشأ ببغداد وسمع مسلم بن إبراهيم و محمد بن عبد الله الأنصاري،
والقعنبى وعلى بن المديني، وكان حافظا فقيها مالكيا جمع وصنف وشرح فى المذهب عدة مصنفات فى التفسير والحديث والفقه وغير ذلك.
ولى القضاء فى أيام المتوكل بعد سوار بن عبد الله، ثم عزل ثم ولى وصار مقدم القضاة.
كانت وفاته فجأة ليلة الأربعاء لثمان بقين من ذى الحجة منها، وقد جاوز الثمانين رحمه الله.
الحارث بن محمد بن أبى أسامة صاحب المسند المشهور.
خمارويه بن أحمد بن طولون
صاحب الديار المصرية بعد أبيه سنة إحدى وسبعين ومائتين،
وقد تقاتل هو والمعتضد بن الموفق فى حياة أبيه الموفق فى أرض الرملة، وقيل: فى أرض الصعيد.
وقد تقدم ذلك فى موضعه، ثم بعد ذلك لما آلت الخلافة إلى المعتضد تزوج بابنة خمارويه وتصافيا،
فلما كان فى ذى الحجة من هذه السنة عدا أحد الخدام من الخصيان على خمارويه فذبحه وهو على فراشه،
وذلك أن خمارويه اتهمه بجارية له.
مات عن ثنتين وثلاثين سنة، فقام بالأمر من بعده ولده هارون بن خمارويه، وهو آخر الطولونية.