أكد الدكتور عبدالرحمن طه خبير الاقتصاديات الناشئة أن خمس مناطق حول العالم تحت نيران الاستقطاب الاقتصادي.
وقال طه: أن الحرب الروسية الاوكرانية قد ولدت نوعا من الاستقطاب الاقتصادي بين طرفي الصراعي الغربي فمن جهة المعسكر الغربي فهو يتمثل في أوروبا اقتصاديا بحثا عن بدائل الطاقة وامريكا سياسيا لمنع التوغل الروسي الصيني ، ومن جهة أخرى المعسكر الشرقي والذي يبرز أكثر في كلا من الصين وروسيا
وأكد طه إن الولايات المتحدة لاتقدم مزايا اقتصادية حقيقية إذ أن خطتها تتمثل في إعطاء صفقات عسكرية وفرض عقوبات اقتصادية في حين أن الاتحاد الأوروبي يعطي مميزات اقتصادية كعقد صفقات طاقة و مشروعات التعدين
١- ففي نطاق دول البلقان
وتتمثل هذه المنطقة رأس حربة المعسكر الغربي إذ أن اي توسع اقتصادي سياسي لصالح الاتحاد الاوروبي هو تضييق خناق على الدب الروسي وتهديد لامنه خصوصا وانها تتمثل في دول كانت قديما في إطار الاتحاد السوفيتي فهناك توسع في مساحة التقارب البلقاني الأوروبي بعقد اتفاقية السماح بالمرور لدول غرب البلقان والمتمثلة في مقدونيا و وكرواتيا وصربيا والجبل الأسود والبانيا في داخل الاتحاد الأوروبي والعكس بداية من اكتوبر القادم تحت شعار (عملية برلين) التي بدأتها المانيا في عهد انجيلا ميركل ٢٠١٤ وذلك باتفاقية وقعت في ديسمبر ٢٠٢٢.
في حين تتمدد روسيا من خلال صربيا عسكريا وتركيا اقتصاديا وعسكريا لمواجهة هذا التمدد الأوروبي كما أن هجرة الروس تضفي انتعاش اقتصادي على الدول المجاورة مما يزيد معه التواجد الروسي الاقتصادي
٢- في نطاق القارة السمراء
بينما أوضح طه أنه في إطار القارة الأفريقية
فتتمثل التحركات الروسية فتمثلت في التعاون الروسي المصري في مجال القمح والصفقات العسكرية السلبية
( وهي تعني عدم الاستجابة لطلب امريكا لتمويل اوكرانيا بدبابات إبرامز ) وإعداد السوق المصري بالسلع الروسية واعتماد سعر صرف الجنيه من قبل المركزي الروسي والسير في المنطقة الاقتصادية الروسية بصناعية متعددة منها العسكرية وكذلك مشروع الطاقة النووية كما توغلت روسيا في أفريقيا من خلال زيارات لافروف وزير خارجية موسكو لكلا من مالي وموريتانيا والسودان وجنوب أفريقيا و إسواتيني وأنجولا و إريتريا وكذلك تمدد الصين في
أفريقيا من خلال تمويل مشروعات البنية التحتية تحت ستار مبادرة الحزام والطريق طريق الحرير القديم
-اما التحركات الغربية فتتمثل إما في وعود اوروبية لتمويل مضار التغير المناخي وهي في الغالب لاتتم ولا يوجد اعتماد على الطاقة الأفريقية بشكل كبير حتى الآن كما أن الولايات المتحدة بالحديد والعصا فقد دشنت قانون (الأنشطة الخبيثة لروسيا في إفريقيا) والذي تم تمريره في مجلس النواب الأمريكي باغلبية ٤١٩ عضو وينتظر موافقة مجلس الشيوخ فالولايات المتحدة لا تقدم الصفقات الاقتصادية وإنما العسكرية من جهة ومن جهة أخرى العقوبات الاقتصادية
٣- في نطاق الخليج
بينما رأى طه أن دول مجلس التعاون الخليجي تقف في موقف المستفيد واللاعب المؤثر حيث انها تملك منظمة دول الاوبك + كما انها تتعامل كونها مركز مالي عالمي مصممة على اتخاذ مواقف لتحقيق أكبر المكاسب النفطية من خلال توازن الإنتاج مع بقاء السعر مرتفعا نحو ال ١٠٠ – ٨٠ دولار للبرميل وفتح الأبواب أمام كلا من الاستثمار الروسي الهارب من اتون الحرب وكذلك فتح المجال امام الشركات الغربية للاستثمار في نطاق الثورة الصناعية الكبرى بما يحقق لها مكاسب لتكف يد دولها عن التعاون الخليجي الروسي كذلك فإن الإحتياطي من الغاز يقوم توزيعه الخليجي لنسب تقارب النصف بين الصين وأوروبا لتأمين عقود طويلة الاجل للوقوف في موقف الحياد من الطرفين كما انها تتجه ناحية آسيا الوسطى ببرامج التعاقدات والاتفاقات الاقتصادية كقوى اقتصادية ناشئة
٤- في نطاق آسيا الوسطى
أما فيما يتعلق بمنطقة آسيا الوسطى فيقول طه ان منطقة آسيا الوسطى قوى اقتصادية كبرى قادمة في مواجهة العديد القوى الاقتصادية العالمية فهي تشهد صراعات ثلاثي الاقطاب وهم المعسكر الشرقي والغربي والخليجي
فمن زاوية المعسكر الخليجي فاللاعب السعودي ذهب بأكثر من ١٤ مليار دولار في أوزبكستان وحدها في قطاع الغز خصوصا ، وطاقة الرياح ، بجانب التواجد الديني كما ضخت المملكة استثمارات في طاجيكستان، وكذلك كزاخستان التي تقدم أكثر من ١٠٠ نوع من السلع المصنعة في العديد من المجالات للمملكة بالاضافة لتركمستان أما اللاعب الثاني وهي الامارات العربية المتحدة فهي تخترق آسيا الوسطى من بوابة إدارة الموانئ
اما المعسكر الشرقي الممثل في روسيا و الصين فآسيا الوسطى هي المنطقة الأكثر نفوذا لهما منذ انهيار الاتحاد السوفيتي والدخول بالكثير الاتفاقات الأمنية والاقتصادية بينهم إلا أن العقوبات الأمريكية والطلبات الاوروبية على الطاقة جعلت بعض الدول تتجه غربا لتحقيق مكاسب سريعة
٥- امريكا اللاتينية
بينما شدد على انه وعلى امريكا اللاتينية فالوضع مختلف نوعا ما فكلا من الارجنتين التي لها موقف مؤيد للقضية الفلسطينيه والمعارض لأوروبا وامريكا وكذلك البرازيل احد أضلاع البريكس الأساسية قد اتفقتا على إيجاد عملة موجودة فيما بينهما فالصراع هناك ذات طابع خاص فهي دول لها قوة اقتصادية ومواقف مسبقة
وعلى أية حال تمثل الجهود الغربية الالمانية بقيادة اولاف شولتس في البحث عن بدائل للدب الروسي فكانت هناك رغبة في اتفاق تجارة حرة بين الاتحاد الاوروبي ودول امريكا اللاتينية في إطار مجموعة ميركوسور والتي تشمل
الارجنتين والبرازيل وباغواري و الاوروغواي وفنزويلا والتي قامت الولايات المتحدة الأمريكية برفع العقوبات عنها تمهيدا لتقدير الطاقة منها كبديل اخر لروسيا
بجانب شيلي التي حصلت على عقود للطاقة والتعدين والبنية التحتية
وقابل ذلك تحرك شرقي بقيادة الصين التي ابرمت اتفاقات مع الارجنتين و البرازيل بإمكانية التبادل الصيني اللاتيني بالعملة المحلية واليوان الصيني
الاستقطاب يختلف من معسكر لآخر
بينما أكد طه أن سبب هذا الاستقطاب يختلف من معسكر لآخر وحسب كل لاعب في كل فريق ، ففي الفريق الغربي فإن سياسة اللاعب الأوروبي تعتمد على تلبية الاحتياجات منوالطاقة وخدمات المعادن التي منعت عنه من المورد الأساسي الروسي بسبب العقوبات الاقتصادية أما اللاعب الأمريكي فلا يمكن له أن يقدم صفقات اقتصادية لتعارضها مع التوجه الأمريكي الداخلي والمعمول في خطة ( صنع في أمريكا ) ، اما الفريق الشرقي فاللاعب الروسي يبحث له عن أسواق جديدة خشية العزلة السياسية والاقتصادية وبديلا عن الاقتصاد الأوروبي ولم يكتف بتواجدهوفي البريكس او منظمة شنغهاي اما اللاعب الصيني فهو يحتاط ليوم مثل اليوم الروسي الاوكراني والذي هو في الغالب يوم المباراة التيوانية فيما يتفق اللاعبان الشرقيان على القضاء على فكرة البترودولار من جهة والتبادل التجاري بالعملات المحلية دون الدولار من جهة أخرى
فرصة انشغال الاتحاد الأوروبي
ويؤكد طه إن كل منطقة من المناطق الخمس تحاول انتهاز فرصة انشغال الاتحاد الأوروبي وامريكا بالحرب الروسية وتحويل حلم الاقتصاد الخاص بهم بتحويل كل منطقة لقوة اقتصادية شبيهه بالاتحاد الأوروبي .