تعلم ياسين بونو التحلّي بالصبر في مسيرته، لكن حارس المرمى المغربي الذي بات اسمه على كلّ لسان، أثبت في مونديال قطر 2022 أنه رجل المراحل الكبيرة.
أهم المشاركات الدولية لحارس المغرب
هذا الحارس الذي كان في الظلّ خلال كأس أمم إفريقيا 2017 وكأس العالم 2018 في روسيا،
صار عنصرا محوريا في مساعدة المغرب على إرساء معايير جديدة لكرة القدم الإفريقية والعربية خلال مونديال قطر.
ومع تواجد 14 لاعبا مولودا في الخارج، تشكّلت حالة من التنوّع في منتخب “أسود الأطلس”،
ولا مثال على ذلك التضامن أفضل من خطّ دفاع لم تستقبل شباكه غير هدف واحد في 5 مباريات، وعن طريق الخطأ.
أبقى بونو منتخب كرواتيا وصيف بطل 2018 في مأزق بباكورة مبارياته في المونديال،
ثم اختفى فجأة قبل انطلاق مباراة الفوز 2-صفر على بلجيكا بعد أداء النشيد الوطني.
وحلّ بدلاً منه حينها منير المحمدي، قبل أن يعلن المدرّب وليد الركراكي لاحقا أن بونو شعر بتوّعك إثر ضربة تعرّض لها في مباراة كرواتيا.
لم يخطئ بونو البالغ من العمر 31 عاما منذ عودته ضد كندا، البلد التي ولد فيها،
ورغم هدف عكسي من نايف أكرد، فإن انتصار المغرب 2-1 حمله إلى الدور الثاني متصدّرا المجموعة السادسة.
أقصى المغاربة إسبانيا بركلات الترجيح التي صدّ فيها بونو ركلتين (إلى جانب ثالثة بالقائم)، فبلغوا ربع النهائي،
بونو رجل مباراة البرتغال والمغرب
وأطاحوا البرتغال وأحلام كريستيانو رونالدو. وكان بونو رجل المباراة في المناسبتين.
ويقول إن “هذه اللحظات يصعب تصديقها، لكننا جئنا لتغيير العقلية.. وسيعلم الجيل المقبل أن اللاعبين المغاربة يمكنهم القيام بذلك”.
توج بونو بجائزة زامورا كأفضل حارس مرمى في الدوري الإسباني الموسم الماضي،
إذ استقبلت شباكه 24 هدفًا في 31 مباراة، بينها 13 مباراة بشباك نظيفة.
وتكمن جمالية هذه الجائزة، التي توجت 10 سنوات من الاحتراف بالقارة العجوز،
في حقيقة أن بونو نجح في التفوق على النجمين تيبو كورتوا (ريال مدريد) ويان أوبلاك (أتليتكو مدريد)،
الفائزين بثمانية من آخر تسعة جوائز سامورا (خمسة للسلوفيني وثلاثة للبلجيكي).
وأصبح بونو (31 عامًا) ثاني حارس مرمى إفريقي ينال الجائزة، بعد الكاميروني جاك سونغو في موسم 1996-1997 مع ديبورتيفو لا كورونيا.
وعلق هذا الصيف، قائلا “المكافآت رائعة للأشخاص في الخارج، للإعلام والجمهور، لكني ما زلت بونو نفسه”.
ويعرف بونو أكثر من أي شخص آخر أن هذا التألق هو نتيجة رحلة طويلة وشاقة. ولد في مونتريال
مسيرة الحارس الأسطوري ياسين بونو
وانتقل في سن الثالثة إلى العاصمة الاقتصادية المغربية الدار البيضاء، حيث اكتشف كرة القدم في الوداد.
في سن الـ17، اكتشفه نيس الفرنسي، لكن صفقة انتقاله أجهضت بسبب مخاوف بيروقراطية.
مباراته الأولى أساسيا مع الوداد كانت في سن الـ20 بالملعب الأولمبي بالمنزه،
عندما عوّض غياب نادر لمياغري المصاب في إياب المباراة النهائية لمسابقة دوري أبطال إفريقيا ضد الترجي التونسي الذي توج باللقب (صفر-صفر ذهابا، 1-صفر ايابا).
مع نهاية عقده صيف 2012، قرّر التوجه إلى أوروبا. انضم إلى أتلتيكو مدريد كحارس مرمى ثالث.
بدأ أساسيا مع الفريق الرديف، لكنه جلس على دكة البدلاء مع الفريق الأول.
لكن الموسم المجنون لأتلتيكو مدريد سمح له بالتتويج بلقب الليغا والجلوس على دكة البدلاء
في المباراة النهائية لمسابقة دوري أبطال أوروبا أمام الجار اللدود ريال مدريد (4-1).
بعد إعارة لمدة عامين إلى سرقسطة في الدرجة الثانية (2014-2016) والانتقال إلى جيرونا
تعاقدات بونو مع الاندية
حيث ساهم في صعوده إلى الدرجة الأولى وبقي معه ثلاث سنوات (2016-2019)، تعاقد معه إشبيلية.
لعب معه على سبيل الإعارة موسم 2019-2020، لكنه فجَّر موهبته في صيف 2020،
حيث انتزع تدريجيا مركز حارس المرمى الأساسي من التشيكي توماس فاتشليك المصاب.
اكتشفت كرة القدم الأوروبية اسمه خلال مسيرة إشبيلية المذهلة في مسابقة الدوري الأوروبي.
في ذلك الصيف، برز بونو بأداء رائع جدا في ربع النهائي ضد ولفرهامبتون الإنكليزي (تصدى لركلة جزاء)
وخاصة في نصف النهائي ضد مانشستر يونايتد الإنكليزي، حيث سمحت تصدياته الرائعة للنادي الأندلسي ببلوغ المباراة النهائية، ثم التتويج باللقب.
فعَّل اشبيلية بند الشراء في عقده مقابل أربعة ملايين يورو ليضمه نهائيا، ثم مدده في نيسان/أبريل الماضي حتى حزيران/يونيو 2025 مع زيادة راتبه.
كما أعرب عن سعادته عقب التمديد قائلا “نادي اشبيلية مكنني من فرض اسمي على المستوى العالمي،
كحارس مرمى مهم على المستوى الأوروبي”.
بينما احتاج بونو الذي يتميز باللعب بقدميه، إلى الوقت أيضا لترك بصمته مع منتخب بلاده، إذ استدعي إلى صفوف المنتخب الأول منذ عام 2012
بعدما دافع عن ألوان جميع فئاته العمرية، وخاض مباراته الدولية الأولى في عام 2014.
كما انتظر حتى العام 2019، تحت قيادة البوسني وحيد خليلودجيتش، ليصبح ياسين بونو الرقم واحد في عرين “أسود الأطلس”،
وتبقى أمامه المهمة الأغلى، وهي قيادة الأسود إلى نهائي المونديال على حساب ديوك فرنسا، اليوم الأربعاء،
بينما في إنجاز يكاد لا يصدق، ولما لا يفكر في التتويج بالقفاز الذهبي كأفضل حارس بالبطولة.